تونس ـ «القدس العربي»: لم يكن يعلم اللاعب رقم «12» في «شيخ النوادي التونسية» الترجي الرياضي في عقد الثمانينات والنصف الاول من التسعينات، نبيل معلول، انه سيصبح النجم الساطع في تاريخ الكرة التونسية، والرقم الصعب في المعادلة الرياضية في أرض الخضراء، فهو اليوم مدرب نسور قرطاج، المنتخب التونسي، والسبب في تأهله لمونديال روسيا 2018 للمرة الخامسة في تاريخه، ليكون المدرب العربي الوحيد الذي سيباري عمالقة اللعبة بأحلام كبيرة على حلبة موطن القياصرة.
نبيل معلول، صانع الالعاب وقائد المنتخب التونسي في الثمانينات خطا أولى الخطوات على طريق البطولة والنجومية واقتحم عالم الرياضيين الكبار باكرا. صعد إلى أكابر نادي الترجي في زمن كان يعج فيه هذا النادي العريق بالنجوم الكبار، أمثال طارق ذياب وخالد بن يحيى، لكن رغم ذلك تحول معلول وفي وقت قياسي إلى واحد من أبرز لاعبي الترجي الأمر الذي أهله للإلتحاق بالمنتخب الذي كان يعج بدوره بالنجوم الذين أصبح معلول قائدهم.
بعد اعتزاله وفوزه بعديد الألقاب كلاعب، اقتحم معلول عالم التدريب، وكانت له تجارب مع أندية تونسية وأخرى في الخارج، وتدرج إلى أن أصبح مدربا مساعدا للمنتخب التونسي مع روجيه لومار حين كان هذا المدرب الفرنسي يشرف على حظوظ نسور قرطاج. و فاز كمدرب مساعد للمنتخب التونسي بكأس أمم إفريقيا سنة 2004، وبعد ذلك التحق بناديه الأم الترجي، كمدرب أول، و فاز معه بكأس أبطال إفريقيا سنة 2014، وشارك معه في مونديال الأندية في اليابان، وهو ما أهله لقيادة المنتخب كمدرب، لكنه عجز في الأمتار الأخيرة من التصفيات على التأهل لمونديال البرازيل 2014، وغادر المنتخب ليعود إليه مجددا رافعا التحدي محققا ما عجز عنه في 2014 وكسب ورقة الترشح إلى روسيا 2018.
وبخطوات استراتيجية عمل معلول كصياد ماهر للنسور، واختطف الاسماء التونسية الصاعدة في عالم كرة القدم من أبناء المهاجرين التونسيين في أوروبا. فجلب معز حسن حارس نيس الفرنسي وسيف الدين الخاوي لاعب تروا الفرنسي و إلياس السخيري لاعب مونبلييه الذي اختار تمثيل تونس رغم رغبة الفرنسيين في ضمه إلى منتخبهم، و كريم المرابطي الذي فضل موطن هنيبعل قرطاج على السويد موطن والدته الراغب في ضمه إلى صفوفه. و سينضم هؤلاء إلى نعيم السليتي لاعب ديجون الفرنسي ووهبي الخزري مهاجم رين الفرنسي وآخرين، فيما ينتظر التونسيون دعوة معلول لهداف الدوري البلجيكي حمدي الحرباوي خصوصا بعد إصابة الثعلب يوسف المساكني. وحقق المنتخب التونسي مع معلول تحسنا كبيرا في الاداء، وتمكن معه ليس فقط من نيل ورقة العبور لمونديال روسيا 2018، بل التربع على عرش المنتخبات العربية و الإفريقية في ترتيب الفيفا الأخير باحتلاله المرتبة 14 عالميا. وجلب هذا الترتيب المشرف لنسور قرطاج انتباه منافسي تونس فبدأوا بإعداد العدة، فتبارت في هذا الإطار انكلترا وديا مع إيطاليا باعتبار تأثر التونسيين بالمدرسة الإيطالية كرويا بسبب القرب الجغرافي.
ما يميز المنتخب التونسي عن باقي المنتخبات العربية، أن طاقمه الفني تونسي لحما ودما، وليس فقط مدربه الأول، وهو شرف لكل المدربين العرب من المحيط إلى الخليج. وسبق لتونس أن تألقت في مونديال الأرجنتين 1978 بمدرب تونسي هو عبدالمجيد الشتالي، فيما لم تشهد المشاركات «المونديالية» التونسية التي كانت بقيادة مدربين أجانب، أي إنجاز يذكر، ما يجعل التونسيين يتفاءلون بالمدرب التونسي. ومن إنجازات الكرة التونسية، إضافة إلى الفوز بكأس أمم إفريقيا ونجاح الأندية التونسية في لعب الأدوار الأولى في الكؤوس الإفريقية للأندية لمواسم عدة، هو تألق المنتخب التونسي في مونديال الأرجنتين 1978. فبعد هذا التألق قرر الفيفا منح القارة الإفريقية مقعدا ثانيا، وتأهل عن القارة السمراء منتخبان للمشاركة في المونديال التالي الذي أقيم في اسبانيا سنة 1982، عوضا عن منتخب يتيم مثلما جرت العادة حتى مونديال الأرجنتين 1978.
ثم تألقت لاحقا منتخبات إفريقية أخرى في نهائيات كأس العالم اللاحقة، فارتفع العدد تدريجيا إلى خمسة منتخبات، هو نصيب القارة الأفريقية في المونديال. لكن يبقى فضل تونس على قارتها أنها فتحت الباب على مصراعيه لرفع عدد المنتخبات المتأهلة، الأمر الذي لم يحصل قبل ذلك التاريخ بسبب فشل ممثل القارة السمراء قبل تونس في تقديم مردود لائق. وهناك طموح كبير في أن يتألق الجيل الحالي من النسور، والذي يعتبر من أفضل الأجيال التي عرفتها كرة القدم التونسية في السنوات الأخيرة، في مونديال روسيا ويعطي صورة ناصعة عن الكرة التونسية على يد قائد الكتيبة القرطاجية، المدرب نبيل معلول.
فقد كان مردود هذا المنتخب الأفضل في كأس أمم إفريقيا الأخيرة، ولولا غياب الإنضباط التكتيكي لكانت الكأس من نصيب هذا المنتخب الذي قدم الفرجة وحسن الأداء واللعب الهجومي والأهداف.
روعة قاسم