محامي الاسد
ما من حل يظهر في الافق، وكل السيناريوهات تشير الى ان روسيا ماضية في دعمها الدموي للاسد بالمال والسلاح، إذ ظهرت بمظهر محامي الدفاع عن جرائمه واعماله الوحشية بحق المدنيين، لدرجة انها ادعت امتلاكها لادلة دامغة على استخدام المعارضة للسلاح الكيماوي ضد اهالي الغوطة. الزعم الروسي يروج له اعلامه الذي يصور الطبقة الحاكمة في دمشق على انها ضحية للمجموعات المسلحة وللمؤامرات الدولية، وغالبا ما يبعث رسائل مضادة عن الثورة ويصفها بانها مجرد حرب اهلية وقتل على الهوية، وطبقا لهذه الصورة، يبدو في النهاية ان القيصر الروسي غير مكترث بمئات آلاف القتلى، ولا بالملايين التي شردت وهجرت، ولا بمجازر الاطفال والنساء، وقصف افران الخبز بالصواريخ، بل انها عطلت مجلس الامن، واستخدمت حق الفيتو للحيلولة دون إدانة نظام بشار وفرض العقوبات عليه.
ثمة اعتبارات لمجريات الاحداث في سلوك روسيا تجاه الازمة السورية، أولا: رغبتها في التخلص من اسلحتها ومعداتها القديمة، والسوق السورية، نقطة ساخنة لتصريف السلاح، إذ يقدر المركز الروسي لتحليل الاستراتيجيات والتقنيات، أن دمشق أبرمت مع موسكو عددا من العقود لشراء أسلحة بقيمة خمسة مليارات ونصف المليار دولار، وهناك امتيازات وصفقات اخرى من الصعب التفريط فيها، فسقوط بشار يعني فقدان مليارات الدولارات وخسارة الشركات بالملايين، بعدما جربوا طعم الهزيمة، جراء تعثر الصفقة التي كانت تنوي إبرامها مع ليبيا بقيمة أربعة مليارات دولار.
ثانيا: احياء التوازنات الدولية ورسم خارطة العالم الجيوسياسية من جديد، واثبات للغرب ان روسيا ند صلب وقوي في المعادلة الدولية، فقد شلت مجلس الامن اكثر من مرة لصالح الاسد، خوفا من تكرار السيناريو الليبي، حيث خسرت القذافي وخرجت من المولد بلا حمص.
ثالثا: تهدديد مصالح الغرب في منطقة الشرق الاوسط عبر رسائل واضحة في مجلس الامن، مفادها ان القيادة الروسية لديها الكثير من الاوراق، رغم هزيمتها في الموضوع الليبي، ولا تهمها الخطوط الحمراء. لكن كيف سيتصرف الفرقاء والحلفاء بعد تدمير الترسانة الكيماوية؟
هنالك حقيقة مفادها ان روسيا انقذت الاسد من الغرق عدة مرات، واخرها إجبار العم سام على إلغاء الضربة العسكرية، أما الرهان فهو كسب الوقت للمحافظة على حليفه لمدة اطول. بيد أن التاريخ القديم والحديث يحمل قصصا وعبرا عن زوال الحلفاء وخيانتهم، ولنا في تجربة العراق وروسيا خير مثال، فهل نشهد نهاية درامية لهذه اللعبة؟ ام أن المشهد السوري سيطول لسنين عديدة مقبلة؟
‘ كاتب واعلامي سوري