تونس – «القدس العربي»: أثار قرار إقالة وزير الداخلية التونسي لطفي براهم انقساما داخل الطبقة السياسية، حيث تحدث البعض عن «النجاحات الأمنية» التي حققها براهم، لكنهم أشاروا – في المقابل- إلى عدد من الإخلالات الأمنية الكثيرة في عهده استدعت إقالته، أبرزها كارثة قرقنة و«الفشل» في القبض على وزير الداخلية السابق ناجم الغرسلي المتهم بـ«الخيانة»، فيما تحدث آخرون عن ضغوط مارستها حركة «النهضة» لإقالته وهو ما نفته الحركة، فيما وجّه سياسيون انتقادات لاذعة لنائب عن «الجبهة الشعبية» حرض النقابات الأمنية على رفض قرار إقالة براهم، وتزامن ذلك مع وقفة احتجاجية أمام وزارة الداخلية ضد القرار.
وكان رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد قرر إعفاء وزير الداخلية لطفي براهم من مهامه، وتكليف وزير العدل غازي الجريبي وزيراً للداخلية بالنيابة.
وأكد إياد الدهماني الناطق باسم الحكومة أن إقالة براهم من مهامه ليس موضوعا شخصيا بين براهم ورئيس الحكومة يوسف الشاهد، مشيراً إلى أن «فاجعة غرق مركب مهاجرين في سواحل جزيرة قرقنة خاصة في ظل وجود تقصير وراء إقالة براهم (…) وهناك بعض المسائل الأخرى التي لا تتماشى مع سياسة الحكومة أثرت على عملها وراء الإقالة على غرار الحملة على المقاهي والمشكل الذي وقع مع نقابة الصحافيين في ما يتعلق بالحريات».
ودوّن الصحبي بن فرج على صفحته في موقع «فيسبوك»: «إقالة وزير الداخلية قرار خطير لا يمكن اتخاذه إلا بالتشاور ببن رئيس الحكومة ورئيس الدولة، لا معنى إذاً لأي حديث عن صفقة أو مقايضة رأسٍ برأس أو منصب بمنصب. لطفي براهم خدم الدولة التونسية في مواقع عديدة سواء في الحرس الوطني أو على رأس وزارة الداخلية، وهو منصب سياسي حساس يخضع لعديد المؤثرات والمقاييس عند التعيين أو العزل. يسجّل للوزير السابق نجاحات أمنية كبرى في مكافحة الارهاب خاصة العمليات الاستباقية. ويسجل عليه الفشل في إلقاء القبض على ناجم الغرسلي ، المتهم بالخيانة ووضع النفس تحت ذمة جيش أجنبي عندما كان وزيراً للداخلية. وجاءت كارثة قرقنة لتكشف خللاً أمنياً كبيراً لا يمكن مواصلة التغاضي عنه لا وطنيّا ولا دوليا (تصريح وزير الخارجية الايطالي منذ ايام)».
وأضاف مهدي جمعة رئيس الحكومة الأسبق ورئيس حزب «البديل التونسي»: «لحصيلة قُدّرت إيجابية يُقصى المسؤول. في الأزمات يُبحث عن كبش الفداء وتُهمل الحلول. الاستقرار هو أيضاً تحصين الدولة ومؤسساتها ورجالاتها من الحسابات الضيقة». ورحب نقيب الصحافيين ناجي البغوري بقرار الإقالة، مشيراً إلى عدد من التجاوزات الأمنية في عهده.
ونظّم عدد من السياسيين والنشطاء وقفة احتجاجية أمام وزارة الداخلية انتقدوا خلالها قرار الإقالة، معتبرين أنه «ظالم» ويأتي بعد «نجاح براهم في مهمته على رأس وزارة الداخلية بفضل حياده ومهنيته».
ودوّنت النائبة صابرين القوبنطيني «أذكر أنه بعد إقالة ناجم الغرسلي من وزارة الداخلية، اتصل بي عدد من الزملاء النواب وطلبوا مني الامضاء على عريضة للمطالبة بإرجاعه! وأستغرب كيف أن نوابا ممثلين للشعب ولديهم سلطة الرقابة على عمل الحكومة، يعملون بهوى هستيريا الفيسبوك، ولا يستطيعون تقييم مسؤول رغم أنه تتوافر لدينا جميع المعطيات لذلك. يقول الرفيق كارل ماركس: التاريخ يعيد نفسه مرتين، مرّة على شكل مأساة، ومرّة على شكل مهزلة. وما نراه الآن هو المهزلة».
واعتبر الحزب الدستوري الحر ‘أنّ قرار إقالة براهم «ليس إلا استجابة لرغبة تنظيم الإخوان (في إشارة لحركة النهضة) المعلن عنها مؤخراً من طرف بعض قياداته وأذرعه في المنابر الإعلامية ومجلس نواب الشعب، مقابل حصول رئيس الحكومة على دعم هذا التنظيم للبقاء على رأس السلطة في ظل الجدل القائم بين أطراف التوافق حول إقالته”.
فيما نفى محمد بن سالم النائب عن حركة «النهضة» وجود أي علاقة للحركة بقرار إقالة براهم من منصبه، مؤكداً أن «النهضة» لم تطالب في كل نقاشاتها مع الأطراف السياسية باقالة براهم وتعويضه بشخصية أخرى.
من جهة أخرى، أثار منجي الرحوي النائب عن الجبهة الشعبية جدلاً كبيراً بعد «تحريضه» للقيادات والنقابات الأمنية لرفض قرار الإقالة، معتبراً أن القرار هو «نتاج صفقة الخزي والعار بين الشاهد والنهضة».
وكتب هشام عجبوني القيادي في حزب «التيار الديمقراطي»: «النائب منجي الرحوي من منبر قناة «المناضل» نبيل القروي، يدعو النقابات الأمنية إلى التمرّد على قرار إقالة لطفي براهم! لم أفهم كيف لسياسي محترم أن يقبل بأن يكون وقوداً لأجندة شخص مثل نبيل القروي، ويمكن أن يطالب النقابات الأمنية بالتمرّد على قرار إقالة وزير مهما كان اسمه. هذا ليس منطق دولة، هذا منطق جمهورية موز!».
وأضاف الباحث سامي براهم «الذين طالما ردّدوا أنّ فشل أيّ وزير في مهامّه يقتضي استقالته أوإقالته كما يحصل في الدّيمقراطيّات العريقة، هم أنفسهم من يدعون اليوم إلى التمرّد على قرار إقالة وزير تسبّب إهماله وتقصيره في وفاة أكثر من مئة شاب تونسي في عرض البحر في إطار هجرة سريّة غريبة الأطوار أشبه بتجارة البشر شملت مئتي شخص من غير المعقول أن تُغْفِلَهُم عين الرّقيب والمُخْبِر والأمني، وهم يُعِدُّون العدّة لركوب قارب الموت بتدبير وترتيب من حرّاق مجرم نخّاس عديم الشّرف فاقد للضّمير. أقلّ إجراء يمكن أن يُتَّخذ في حكومة تحترم مواطنيها لتخفيف وطأة الكارثة على عائلات الضّحايا هو إقالة هذا الوزير ومساءلته ومحاسبته، من لم يرضهم ذلك ينقلبون على مواقفهم ويكشفون عن نفاق سياسيّ مشين وتناقض في المواقف».
وكان وزير العدل غازي الجريبي قال، في أول تعليق له على تكليفه بمهام براهم «طلب مني رئيس الحكومة، وطبعاً بعد التشاور مع رئيس الجمهورية، (القبول بتسيير شؤون وزارة الداخلية) وأنا في خدمة هذا الوطن ولن أرفض أي مسؤولية».
السيد وزير الداخلية …خرج علينا بتنفيذ منشور ميت و محنط منذ 1981 لغلق المقاهى فى رمضان و جند الأمن لذالك….و قال لنا ان تنفيذ ذالك المنشور المحنط هو لحماية مقدسات الأغلبية المسلمة فى تونس من الذين يريدون حقهم الذى يحميه الدستور فى الافطار العلنى !!! …..سيدى الوزير الأغلبية المسلمة تخلت عنك و صفقت لرحيلك ….ولأنك لم تحمى أبنائها من الموت ووضعت كل امكانيات الدولة للاهتمام بمن يفطر و من يصوم …تحمل مسؤوليتك اليوم و خاصة تعلم الدرس ….تحيا تونس تحيا الجمهورية