علي أبوشادي… رائد الكتابة الكلاسيكية في النقد السينمائي

حجم الخط
0

■ هو أحد رموز الحركة النقدية المحافظة في فترتي السبعينيات والثمانينيات، تخرج في كلية الآداب في جامعة عين شمس عام 1966 ثم حصل على دبلوم النقد الفني عام 1975، وتولى عدة مناصب حكومية رسمية فرضت علية طابعاً ملتزماً في الكتابة والتحليل والنقد، فحدد نفسه بالإطار الوظيفي فاحتفظت كتاباته بوقار الكلمة والتعبير الأسلوبي، وحظيت بكثير من الثقة والصدق فظل الرجل بمنأى عن الشبهات والاتهامات والصدامات.
علي أبو شادي هو صاحب الخصوصية في الكتابة النقدية الكلاسيكية بامتياز، وكان واعياً أيضا بتيارات الحداثة وإرهاصاتها وتأثيرها في الإبداع الأدبي والسينمائي والموسيقي والغنائي والمسرحي، فكلها بواعث لتنشيط الوعي وتوسيع الأفاق الفكرية اللازمة لعملية التطوير والمواكبة، فضلاً عن أنها زوايا للرؤى الكلية التي يتحدد على أساسها المفهوم الأعمق في فهم المسألة الفنية.
ربما لم يكن ذلك واضحاً كل الوضوح في كتابات أبو شادي الصحافية، التي كان يتحرى فيها ما يلائم الصحيفة وطبيعتها وقارئها، بيد أنه كان مختلفاً في ما يطرحه على مستوى المنظور والرؤية والأبعاد في العديد من كتبه، التي أخذت شكل الدراسة الأكاديمية، وكان من أهمها ، «كلاسيكيات السينما العربية – السينما والسياسة – اتجاهات السينما المصرية – أفلام التسعينيات– وجوه وزوايا» .
وقد أسهم الناقد الراحل بكثير من المقالات التي أخذت الطابع التحليلي الرصين لمختلف القضايا والظواهر الفنية في «القدس العربي» كونها مثلت بالنسبة له عبر مرحلة طويلة منبراً تنويرياً مهماً، ونافذة يطل منها على قارئ نوعي مختلف خارج المحيط المحلي، ورغم انشغاله الشديد بحكم المسؤوليات التي تولاها في العديد من المواقع الثقافية كرئاسته للهيئة العامة لقصور الثقافة وجهاز الرقابة على المصنفات الفنية، والمجلس الأعلى للثقافة والمركز القومي للسينما، ومهرجان الإسماعيلية للأفلام التسجيلية والوثائقية والمهرجان القومي للسينما المصرية، إلا أنه لم يهمل دورة كناقد ومؤرخ وكاتب له اعتباره المهم على الساحة الثقافية والفنية.
كان علي أبو شادي مؤمناً بحرية الإبداع، لذا طالب في كثير من الأحيان بإلغاء الجهاز الرقابي لعدم قناعته بالوصاية على العقل والوجدان، لاستحالة اكتمال العملية الإبداعية من وجهة نظرة في ظل تكبيلهما بقوانين ولوائح وأطر وشروط، وهي رؤية تحمل مفارقة بين منهاج الكاتب والناقد والمثقف من ناحية، والموظف القيادي الحكومي من ناحية أخرى، ولكن ربما يبرر ذلك طبيعته الأخلاقية الملتزمة التي كانت تقوده إلى اتباع الحلول الوسطى بين ما تمليه علية ثقافته وما تحتمه عليه المسؤولية الوظيفية الرسمية، إذ لم يكن بإمكانه الانفصال التام عن مقتضيات المنصب، إلا في حدود ما تسمح به الحرية المقننة داخل المؤسسات الثقافية التي عمل فيها.
ومن خلال عناوين ومضامين الكتب التي عكف أبو شادي على إتمامها وإصدارها في مراحل مختلفة، يمكننا التعرف على جل اهتماماته فهو لا شك كان مهتماً ومهموماً بالعلاقة الشائكة بين السينما والسياسة، والاشتباكات التي حدثت بينهما على مدار الحقب والأزمنة بأشكالها المختلفة، فضلاً عن رصده لاتجاهات السينما العربية وترجمتها لما يشغل الرأي العام العربي، في ضوء ما أثير من قضايا قطرية شكّلت تأثيرات عرضية وجوهرية في التكوين الإنساني والثقافي والمعرفي لدى الجماهير، ما يجعل الحديث عن الإسهامات التي خلفها الكاتب مهمة، فلم تكن فعلاً استهلاكياً أو محض تجميع لمعلومات وحكايات، كما هو معهود في بعض الكتابات الفنية المغايرة والأقل تميزاً والأقصر عمراً بوصفها تسجيلاً لمناسبات أو دعاية أو ما شابه.

٭ كاتب من مصر

علي أبوشادي… رائد الكتابة الكلاسيكية في النقد السينمائي

كمال القاضي

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية