القاهرة – رويترز: لم يكن في حسبان معز الشهدى، الرئيس التنفيذي لبنك الطعام المصري، عند تأسيسه للبنك مع مجموعة من أصدقائه من رجال الأعمال أن تتطور مهامه من مجرد القضاء على الجوع لتغطي الملبس والعلاج والضرورات المعيشية الملحة لغير القادرين، لكن كان لتطورات المشهد الاقتصادي والاجتماعي في مصر بعد اتفاق صندوق النقد في 2016 رأي آخر.
وقال الشهدى في مقابلة أثناء زيارة لمقر ومصانع بنك الطعام أمس الأول «بدأنا في 2006 بحجم أعمال يبلغ نحو ثمانية ملايين جنيه (حوالي 448 ألف دولار) من مجموعة من الأصدقاء ورجال الأعمال، لكن حاليا وصلنا لأكثر من 400 مليون جنيه تبرعات نقدية وأكثر من ستة مليارات جنيه تبرعات عينية».
وبنك الطعام هو أول مؤسسة متخصصة في مصر غير هادفة للربح أنشأت عام 2006 من أجل القضاء على الجوع، مستهدفا الفئات الأشد فقرا وتفرع منها «بنك الشفاء» في 2011 و»بنك الكساء» في 2012 و»بنك الحياة الكريمة» في 2016.
وأضاف الشهدى، الذي نجح في تأسيس وتطوير 28 بنكا للطعام في 26 دولة في العالم «كان هدفنا القضاء على الجوع في مصر عام 2020، لكن بعد عام 2010 والأحداث التي مرت بها البلاد تغيرت نسب الفقر والأرقام، لذا سيتأجل الهدف. نعكف الآن على عدد من الدراسات لتحديد الموعد الجديد».
وتظهر بيانات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء عن «الدخل والإنفاق في الأسرة المصرية» أن معدلات الفقر وصلت في 2015 إلى 27.8 في المئة، أي نحو 25 مليون مصري تحت خط الفقر. ويقل دخل الفرد في هذه الشريحة عن 482 جنيها شهريا.
غير أن تلك الأرقام قد تكون تغيرت مع تنفيذ الحكومة المصرية برنامج إصلاح اقتصادي منذ 2016 ولمدة ثلاث سنوات، شمل تحرير سعر الصرف، وخفض دعم الطاقة والمياه سنويا، وزيادة إيرادات الدولة، وإقرار عدد من القوانين الجديدة المحفزة للاستثمار.
وعانت الطبقات الوسطى والفقيرة في مصر في العامين الأخيرين من ارتفاع حاد في أسعار جميع السلع والخدمات. وعلى مدى الأعوام القليلة الماضية، انتشرت شاحنات تابعة للجيش في أنحاء البلاد لبيع المنتجات الغذائية بأسعار رخيصة وزادت منافذ البيع التابعة للقوات المسلحة.
ولتخفيف عبء برنامج الإصلاح على محدودي الدخل، اتخذت السلطات المصرية عددا من الإجراءات الاجتماعية للعام الثاني على التوالي، شملت زيادة الأجور والمرتبات، ورفع حد الإعفاء الضريبي، وتطبيق علاوات استثنائية، ورفع المعاشات التقاعدية.
لكن في الوقت نفسه، رفعت الحكومة أسعار مترو الأنفاق والمياه وعدد من الخدمات المقدمة للمواطنين، وهو ما يزيد العبء على كاهلهم في وقت يترقبون فيه زيادات جديدة في أسعار الكهرباء والبنزين.
قال الشهدى ان البنك استثمر أكثر من 100 مليون جنيه لتدشين مصانع لتعبئة وتغليف الغذاء الجاف، وإنشاء مزارع لتسمين المواشي وإنتاج الألبان، وزراعة نحو 700 فدان لضمان استدامة الأعمال التي يقوم بها البنك من أجل الفقراء.
ويساعد عشرات الآلاف من المتطوعين بنك الطعام في أعماله الخيرية المختلفة إلى جانب نحو 420 عاملا وموظفا معينين لدى البنك.
وأضاف الشهدى «نجح البنك في رمضان هذا العام في إفطار نحو أربعة ملايين صائم يوميا، أي نحو 120 مليون وجبة خلال الشهر».
ويساعد بنك الطعام وغيره من المؤسسات الخيرية في مصر مثل «دار الأورمان» و»مؤسسة مصر الخير» و»مؤسسة رسالة ملايين المصريين» على مواجهة أعباء الحياة وزيادات الأسعار المتتالية في جميع السلع والخدمات.
ولم تغيب الحكومة كليا عن المشهد، بل تعمل على التوسع بقوة في برنامج «تكافل وكرامة» الذي يقدم دعما نقديا شهريا للأسر الأشد فقرا في مصر، إلى جانب زيادة الدعم الموجه للمواطنين في بطاقة التموين.
وتدعم مصر نحو 70 مليون مواطن من خلال بطاقات تموين. وتخصص الحكومة 50 جنيها شهريا لكل مواطن مقيد في البطاقات التموينية لشراء السلع.
لكن رغم جهود المؤسسات الخيرية والحكومة وتعافي معدلات النمو الاقتصادي، لا يشعر المصريون بتحسن أحوالهم المعيشية حتى الآن، بل يرونها تزداد صعوبة مع كل زيادة تطبقها الحكومة في أسعار السلع أو الخدمات.
(الدولاريساوي 17.85 جنيه مصري).