«واشنطن بوست»: المرأة السعودية تتساءل عن ديمومة التغيير لصالحها… حيث تسير البلاد نحو أحد أشكال الديكتاتورية القاسية

حجم الخط
0

لندن – «القدس العربي»: قبل فترة ليست بعيدة كانت المرأة السعودية تواجه خيارات يومية حول كيفية التحرك وممارسة حياتها، فهي تمثل 50% من عدد السكان، ومن هنا كان عليها أن تقوم بحساباتها خوفاً من التعرض للإهانة أو التحرش والنبذ المجتمعي وحتى وقت قريب السجن على يد الشرطة الدينية أو المطاوعة. فهي تواجه تحديات يومية حول من سيأخذ الاطفال للمدرسة وكيف ستقوم بشراء حاجيات اليوم وأي طابور يجب عليها أن تقف فيه لشراء القهوة وهي في مركز التسوق وأي باب مخصص لها وفي بعض الأحيان كان على المرأة ان تكشف عن وجهها وتغطيته أكثر من مرة بناء على السياق الذي تكون فيه.
لكن الحياة تبدو اليوم سهلة وثمن الفشل بالإلتزام بالمعايير والقيود بات أخف من الماضي. ففي يوم الأحد ستبدأ بقيادة سيارتها بعد القرارات التي أعلنت عنها السعودية ويقف خلفها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. فالمرأة هي المستفيدة منها خاصة أنها ظلت بعيدة بسبب القيود عن السياق الإجتماعي مقارنة عن بقية نساءالعالم. ولكن ليز سلاي من صحيفة «واشنطن بوست» في تقرير لها تقول إن السعودية تسير نحو شكل من أشكال الديكتاتورية القاسية في وقت تبشر فيه الحكومة بإصلاحات اجتماعية بدأت تخرج المرأة من عهود التمييز والفصل الإجباري.

قانون مكروه

وفي السعودية اليوم من السهل الحديث عن تغيرات أو حريات اجتماعية أما السياسية فلا. وكان اعتقال 17 ناشطة وناشطاً الشهر الماضي بمثابة رسالة واضحة لمن تسول له نفسه/ نفسها المطالبة بحقوق أخرى وأن الحكومة هي المخولة بالهبة والتكرم على مواطنيها ولا تستجيب والحالة للضغوط منهم. وأفرج عن ثمانٍ من المعتقلات وبقيت تسع خلف القضبان. وتقول هالة الدوسري، الناشطة السعودية التي دعمت حملة رفع الحظر عن قيادة المرأة للسيارة والزميلة في معهد رادكليف بجامعة هارفارد إن الإعتقالات لا علاقة لها بمطالب محددة طالبت بها النسوة إن كن طالبن بشيء. مشيرة إلى أن مدونين وعلماء دين اعتقلتهم الحكومة ولكن لم يتم التسليط إعلامياً على اعتقالهم.
وقالت إن مطالب في المستقبل لإنهاء قانون الولاية المكروه والذي يطلب من المرأة الحصول على إذن الرجل للسفر أو حتى الخروج للمقهى سيتم ردعها. وقالت: «الحريات التي سيسمح بها هي تلك التي تحددها الدولة». مشيرة إلى أن «محمد بن سلمان يريد أن يكون المحكم ويريد تحديد الإصلاحات ومتى ستحدث». ولا يوجد ما يشير إلى التراجع عن الإصلاحات التي سمحت بها الحكومة حتى الآن، خاصة أن الصحافة السعودية تحفل يومياً بالتقارير عن «الأوائل»، أول إمرأة تنجز هذا أو ذاك – أول إمرأة تحصل على رخصة القيادة، أول دليلة سياحية، أول دليلة لتسلق الجبال، أول فريق تفتيش نسائي للسوق وأول مغنية سعودية تغني البلوز.
وتظل التغييرات بالنسبة للكثير من النساء عادية، ففي مدينة جدة الساحلية التي تعتبر أكثر ليبرالية من بقية المدن السعودية، خلعت بعض النسوة الحجاب وألغت المطاعم نظام الفصل بين الرجال والنساء. إلا أن الرياض مختلفة فهي المدينة المحافظة التي تنتصر فيها التقاليد البدوية على الدولة والإمتحان الحقيقي للإصلاحات مقبلٌ فيها.

الخوف من التحرش

وهنا في العاصمة لا يزال نظام الفصل في الأماكن العامة قائماً والمرأة ملتزمة بالنقاب والعباءة. وفي سلسلة من المقابلات التي أجرتها الصحافية مع عدد من النسوة ينتمين لقطاعات متعددة في المجتمع قلن إن التغييرات تركت أثراً على حياتهن بطريقة لم تكن ممكنة في الماضي، فهن الآن يدخلن سوق العمل ويبدأن تجارتهن الخاصة وفي تطور غير ملحوظ يحصلن على الطلاق والنفقة لأولادهن. وتقول ولاء جار الله، 32 عاماً التي عادت من رحلة دراسية لعامين في نيويورك «إنه مثل السماح لنا بالتنفس من جديد»، لكن المقابلات مع النسوة طرحت أسئلة من الباكر الجواب عنها من مثل: هل ستتواصل التغييرات؟ وهل ستذهب بعيداً نحو تغييرات حقيقية؟ وغير ذلك.
وترى سلاي أن النسوة الآن في حالة بحث عن فرص مشيرة إلى عدد من المقاهي التي بدأت تظهر في الرياض وتقدم خدماتها للنساء فقط، حيث تستطيع المرأة فيها التحرر من عباءاتها والحديث مع صديقاتها أو العمل على الكمبيوتر الشخصي.
وأعمال كهذه مملوكة من المرأة في حاجة أحياناً لتوازن بين عمل المرأة فيها والإمدادات التي يحضرها الرجال ومحاولة تجنب الاحتكاك بين الجنسين. وتقول إن الضغوط على المرأة لارتداء الزي المحافظ نابعة اليوم من التقاليد الإجتماعية لا القيود الحكومية. فنجوى تقول إن المجتمع معقد «وسأكون محلاً للإنتباه لو لم أرتد عباءة». وتقول صديقتها حصة، مصورة حفلات الزفاف إنها لن تبادر بخلع العباءة ولو شاهدت إحداهن تلبس زياً مختلفاً فستقلده. لكن الزي يظل أمراً ليس مهماً بقدر ما يهم المرأة اليوم الوظائف، فالعباءة «مريحة وجزء من التقاليد السعودية» و «يمكن أن ترتدي تحتها بيجامة» كما تقول العاملة الإجتماعية سارة. والنقاش هو عن طموحات المرأة والتغيير المطلوب، فالبنسبة لنجوى فهي تريد أن تكون المرأة السعودية مثل المرأة في أمريكا، لكن ليس كالمرأة الأمريكية التي تظهر في المسلسلات التلفزيونية كما تعلق صديقة لها.
ويظل الخوف من التحرش مظهر قلق يسود مظاهر حياة المرأة وأحد الأسباب التي يمنعها من المشاركة في التغيير. وحتى النساء المحافظات اللاتي رحبن بقرار رفع الحظر عن قيادة السيارات قلن إنهن لن يكن من بين أول من يقدن السيارات خشية من تعرضهن للتحرش. وقالت حصة: «سيتبعونك ويطلبون رقم هاتفك وسيغضبون لو رفضت أو ربما سخروا منك». ومع أن هناك قانوناً أقر يجرم المتحرش بالسجن خمسة أعوام إلا أن النساء المحميات من عائلاتهن في حاجة كما تقول ناشطة في الرياض للتكيف مع الحرية الجديدة.
وقالت: «عشنا 40 -50 عاماً عملية غسيل دماغ من خلال قنوات التلفزيون والمساجد، ولو قادت المرأة السيارة فسيلاحقها الوحوش الأشرار فنحن نخاف أي رجل في العالم» وتعترف أن الرجال ليسوا كذلك بل هناك أقلية شريرة منهم وهناك حاجة لنزع الأسطورة عن العلاقات بين الجنسين.
ولا تزال المقاهي المختلطة في الرياض محفوفة بالمخاطر ولا يبدو أن المرأة تريدها وحاولت صاحبة قهوة «نبت الفنجان» سلوى الضراب الحصول على إذن لتخصيص محل للعائلات في مقهاها إلا أن الرخصة لم تمنح لها نظراً لوجود قانون يمنع النساء من خدمة الرجال. ولكنها عقدت حفلة مختلطة بعيداً عن المقهى حضرتها الزبونات وأقاربهن من الرجال، وهذه مناسبة تظل نادرة. وحتى في المحلات التي حاولت تغيير سياسة الفصل مثل «مول المملكة» الذي كان يخصص طابقاً للنساء. إلا أن السماح للرجال والنساء فيه أدى لتراجع التجارة فيه. خاصة أن المكان في المول كان مساحة للمرأة لكي تخلع حجابها وكذا العاملات.
وبعد تغيير السياسة اضطرت النساء والعاملات لتغطية وجوههن وشعورهن. وقالت إيمان، العاملة في محل للعباءات «أرادوا زيادة المبيعات وحدث العكس ولم يحضر أحد للمقهى». وترحب بالتغييرات الجارية لكنها تقول إنها سريعة، فالعائلات تجد صعوبة في التعامل مع الحرية المفاجئة وهي التي تعودت على تحكم الحكومة بحياتها. وعلاوة على ذلك فستجد صعوبة في التعامل مع قوانين المجتمع المتعددة، الحكومة والقبيلة والدين.
فالنقاش حول القوانين التي تحكم كل واحد من هذه المعالم هو في مركز ما يجري في السعودية وإلى أي مدى ستذهب فيه الحكومة في عمليات اللبرلة. ومن هنا فالنقاش حول المرأة التي ظلت تعامل كمواطنة من الدرجة الثانية هو في مركز هوية الدولة السعودية. وحصل أكبر تغير على حياتها قبل عامين عندما قلمت الدولة من أظافر «هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» (الهيئة) والتي كانت تفرض القيود الدينية والقبلية.

الالتزام بالحجاب

ولا تزال الهيئة تدعو النساء الإلتزام بالحجاب إلا أنها فقدت سلطتها في الحبس. أما قانون الولاية فيرتبط بموقف عائلة المرأة وأقاربها الذين يفرضونه عليها، ولو جاءت مثلاً من عائلة ليبرالية أو ثرية ومتعلمة وسافرت في العالم فيمكن للمرأة أن تعيش مثل بقية النساء في العالم العربي. ويمكنها عمل مواعيد مع الرجال الآن وهو ليس مهماً للكثير من النساء العاملات. وبالنسبة للنساء من العائلات المحافظة فإن القيود واضحة فوجدان، 23 عاماً تقول إن والدها لا يسمح لها بالذهاب للمقهى. ولا يزال الرجل هو المحكم الأول في حياة المرأة إلا أن المستفيد من التغييرات هي النخبة التي لا تمانع من عمل بناتها كدليلات في تسلق الجبال أو مغنيات بلوز.
وبعيداً عن الملاحظة فقد تدفقت على المحاكم حالات النساء المطالبات بالطلاق والحصول على النفقة لأبنائهن منذ صدور القانون في آذار (مارس) الذي منح المرأة حق الحضانة، بالإضافة لقوانين جديدة أعطت المرأة حق طلب الطلاق. ومنح قانون في عام 2016 المرأة المطلقة حق الحصول على الهوية بشكل جعلهن القانون مسؤولات عن العائلة وحررهن من قيود قانون الولاية. والمستفيد الأكبر من هذا هن السعوديات الفقيرات اللاتي لا تستطيع عائلاتهن مساعدتهن عند انهيارالزواج. وفي زيارة للمحكمة الشهر الماضي لاحظت سلاي أن عدد النساء المنتظرات أكثر من الرجال وذكرت النسوة أن السبب الرئيسي للطلاق هو العنف المنزلي. ورغم أن كل القضاة من الرجال إلا أن النساء سعيدات بسهولة الإجراءات «. وتقول سارة، 41 عاماً «كل شيء سهل للمرأة الآن، ويبدو أن القضاة مع المرأة هذه الأيام».

«غارديان»: معركة الحديدة عرّت التواطؤ الغربي في الحرب وإيران ورّطت السعودية والإمارات فيها

«حتى لو حذرت بريطانيا من تداعيات الهجوم على ميناء الحديدة المهم في اليمن فإننا – البريطانيون – متواطئون في هذه الحرب الرهيبة». هذا ما جاء في افتتاحية صحيفة «غارديان» وقالت فيها أيضاً: «لم تغط ورق التين الكثير، وقد ذبلت منذ وقت طويل، وانهارت كل الأعذار للدور الذي نقوم به في اليمن.
فالهجوم على مدينة الحديدة والذي يقوم به التحالف السعودي- الإماراتي لن يؤدي إلا إلى تدهور الأزمة الإنسانية، فنسبة 70% من الصادرات التي تصل إلى اليمن تمر عبر هذا الميناء. وحثت فرنسا وبريطانيا السعودية بأن لا تقوم بالهجوم ولكن بريطانيا تقول الكلام نفسه. ورفضت الولايات المتحدة طلباً من الإمارات لتقديم كاسحات ألغام للعملية. وكما لاحظ مسؤول إماراتي «فعدم تقديم الدعم العسكري ليس مثل الاعتراض العملية». ولهذا السبب فهم – الإماراتيون- يقومون بها ويخوضون مع السعوديين الحرب بأسلحة مصنعة في أمريكا وفرنسا وبريطانيا. ويديرونها بتدريب عسكري ونصائح من الغرب.
وكان الضباط الأمريكيون والبريطانيون في غرف القيادة. وذكرت صحيفة «لوفيغارو» هذا الأسبوع أن القوات الفرنسية الخاصة تعمل على الأرض في اليمن. ولهذا فالعملية تشن بغطاء دبلوماسي من الغرب. وفي يوم الجمعة قامت بريطانيا والولايات المتحدة بتعطيل بيان تقدمت به السويد طالبت فيه بوقف فوري لإطلاق النار.
وكما لاحظ وزير التنمية الدولي السابق أندرو ميتشل فبريطانيا التي يحق لها الفيتو في مجلس الأمن تتبنى موقفاً مؤيداً للسعودية في نهجها من النزاع. فصفقات الأسلحة والمصالح الأمنية تملي عليها القيام بهذا الدور. وقد أدت الحرب لمقتل عشرات الألوف من المدنيين. والرقم الذي عادة ما يتم ذكره وهو 10.000 متواضع فهناك الكثيرون عرضة للخطر. ويملي القانون الدولي على المتحاربين السماح بمرور المواد الإنسانية دون تعويق وبسرعة للمحتاجين. إلا أن التحالف والحوثيين لديهم سجل في الجرائم وعدم الإلتزام بقواعد الحرب. ولهذا السبب أجلت منظمات الإغاثة طواقمها من الحديدة. وهناك 22 مليون يمني بحاجة للمساعدة و 8 ملايين يواجهون خطر المجاعة.
وترى الصحيفة أن الهجوم هو عملية وقائية لإفشال خطة المبعوث الدولي مارتن غريفيثز والذي حذر في السابق من أي هجوم على الحديدة وأنه قد «يرمي الخطة عن الطاولة بضربة واحدة». وسيقوم اليوم الإثنين (أمس) بتقديم بيان لمجلس الأمن بعد المحادثات الطارئة، فيما قالت ليز غراندي، منسقة الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة إن الحديث عن إدارة الأمم المتحدة ميناء الحديدة في مراحلها المتقدمة. وحتى لو استطاع غريفيثز التوصل لاتفاق على إدارة الميناء إلا أن فرص تطبيقه فقيرة خاصة أن الطرفين عادة ما تصرفا بسوء نية.
ويدعم التحالف السعودي الحكومة المعترف بها دولياً لعبد ربه منصور هادي والذي طرد من العاصمة صنعاء على يد الحوثيين الذين تقف وراءهم إيران. لكن الحملة يقف وراءها عاملان، هما التنافس مع إيران والمصالح الأخرى، أما الثاني فهي مكانة قادة التحالف خاصة الأمير محمد بن سلمان الذي شن الحرب وأصبح الآن القائد الفعلي للسعودية. وتقول الصحيفة إن التحالف اعتقد أن الطريقة لكسر الجمود على ساحة الحرب التي بدأت منذ ثلاثة أعوام لن يكون إلا من خلال نصر سريع وسهل في الحديدة. وهذا أمر ظل واضحاً طوال الحرب. وحسب تقرير لمنظمة الأزمات الدولية صدر هذا الأسبوع: «بالغت الأطراف المتحاربة بالثقة في منظورها العسكري وتندفع دائماً للإستفادة عسكرياً كلما لاحت فرصة للتفاوض. وفي كل الأحيان غير مهتمة بالآثار الإنسانية لأعمالها ومصير المدنيين العاديين».
وربما اتفقت الرياض وأبو ظبي بخصوص الموقف من إيران إلا ان الساحة العسكرية المعقدة والمزدحمة تكشف التباين في مصالحهما. فقبل أشهر كانت القوات المدعومة من الإماراتيين تواجه القوات المدعومة من السعوديين في عدن. ويتحرك الجنوب اليمني باتجاه الحكم الذاتي المستقل، ولا يتجرأ المسؤولون السعوديون والإماراتيون على إخبار قادتهم بأن إيران ورطتهم في حرب مكلفة، وحرب لا نهاية لها ولم تدفع هي إلا ثمناً قليلاً.
ولهذا تستمر المعاناة بشكل يزعزع هذه المنطقة غير المستقرة ويفرخ حب المصلحة والرضا عن النفس وغضباً تجاه الغرب وحديثه عن حقوق الإنسان والقانون الدولي، فتواطؤه في الحرب بدا واضحاً في الأيام الأخيرة.

«واشنطن بوست»: المرأة السعودية تتساءل عن ديمومة التغيير لصالحها… حيث تسير البلاد نحو أحد أشكال الديكتاتورية القاسية

إبراهيم درويش

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية