الناصرة ـ«القدس العربي»: قلل مراقبون في إسرائيل من أهمية نجاح إيران في تجنيد وزير سابق فيها لتقديم خدمات تجسس لها، لكن بعضهم اعتبروه إنجازا لا يستهان به أو نجاحا معنويا بسبب ماضيه الوزاري. بيد ان وسائل الإعلام وجهت انتقادات معظمها مباشرة للمؤسسة الأمنية لاعتقاله بعد ست سنوات من العمالة لإيران، فيما كشف أمس أن المخابرات العامة «الشاباك» قامت بعرضه على المحكمة لتمديد اعتقاله منذ القبض عليه قبل شهر ليلا بعد تعطيل كاميرات الحراسة في مبنى المحكمة وبعد إلزامه بوضع شعر اصطناعي على رأسه وتغيير مظهره.
وأشارت الإذاعة العامة إلى أنه تم احتجاز سيغيف مدة 9 أيام في عزلة مطلقة، تحت توصيف «المعتقل إكس»، دون أن يعرف أحد هويته الحقيقية، كما منع محاميه من التقائه.
يذكر أن سيغيف عمل وزيرا للبنى التحتية وللطاقة في حكومة اسحق رابين عام 1995 وذلك بعدما «قطع الحدود» الحزبية وانتقاله من حزب «تسوميت» اليميني المتطرف المعارض مقابل إغراءات مادية عرضها الحزب الحاكم وقتها «العمل» وذلك لتأمين عدد كاف لمصادقة الكنيست على اتفاق أوسلو وهذا ما حصل.
يذكر أيضا أن سيغيف الذي عمل طبيبا أيضا سبق وسجن خمس سنوات بعد إدانته بتهريب مخدرات من هولندا. ويتهم سيغيف (62 عاما) بارتكاب مخالفات خطيرة جدا: «مساعدة العدو في الحرب، والتجسس على إسرائيل، وتسليم معلومات للعدو». وحسب الشاباك، فإن سيغيف الذي عاش في السنوات الأخيرة في نيجيريا، كان قد وصل إلى غينيا الاستوائية في أيار/مايو عام 2018، ونقل من هناك إلى البلاد بناء على طلب الشرطة الإسرائيلية، وذلك بعد أن رفضت غينيا الاستوائية السماح له بدخول أراضيها بسبب ماضيه الجنائي.
ويدعي سيغيف في المقابل، أن جهات طلبت التباحث معه في مسألة شراء عتاد طبي، وأنهم لاحقا عرفوا أنفسهم كمسؤولين في المخابرات الإيرانية.
كما ادعى أنه لم يكن كاشفا لأية معلومات حساسة، وأن معلوماته لم تتجاوز معلومات الإنسان العادي، بيد أن محققي الشاباك رفضوا هذه الادعاءات. ويستدل من لائحة الاتهام ان سيغيف زار إيران عدة مرات مع معرفته بهوية مشغليه والتقى بهم في أماكن أخرى في أنحاء العالم، في فنادق وشقق سرية. وفي إحدى اللقاءات حصل على منظومة اتصال سرية لتشفير الرسائل. ولا يزال من غير الواضح حجم المعلومات السرية التي كانت بحوزته، خاصة وأنه كان بعيدا عن النشاط السياسي مدة 20 عاما. وتبين خلال التحقيق معه، وفق الشاباك، أنه قدم لمشغليه الإيرانيين معلومات تتصل بمجال الطاقة والمواقع الأمنية الإسرائيلية والمباني وذوي المناصب في الهيئات السياسية والأمنية. كذلك حاول تجنيد مواطنين إسرائيليين كانت لهم صلة بالأمن في الماضي.
وحسب صحيفة «يديعوت أحرونوت» تدعي الأجهزة الأمنية الإسرائيلية أنه رغم كون سيغيف وزيرا وحافظ على علاقات مع مؤسسات السلطة، إلا أن الضرر الذي تسبب به لأمن إسرائيل يعتبر صغيرا، وأن الأهم هو أن إيران وحزب الله يبذلون جهودا كبيرة في جمع معلومات استخباراتية عن إسرائيل، وأن الإنجاز الإيراني يكمن في تجنيد وتفعيل وزير إسرائيلي سابق وهو إنجاز لا يستهان به.
من جهته، حاول بن كسبيت، محرر صحيفة «معاريف»، التقليل من حجم القضية، واعتبر أن عملية تجنيده لا تتجاوز الإنجاز المعنوي. وتابع «إذا كان غونين سيغيف هو الثروة الاستخباراتية الأكبر لإيران في إسرائيل، فمن الممكن مواصلة النوم بهدوء».
في المقابل، اعتبر المحلل للشؤون الاستراتيجية يوسي ميلمان قضية التجسس هذه الأخطر في تاريخ إسرائيل. وحسبه فإن خطورة ما قام به سيغيف لا تكمن في الأضرار التي تسبب بها لأمن الدولة، وإنما بسبب مكانته، وبسبب نيته «خدمة أكبر أعداء إسرائيل، وهي الدولة التي لا تعترف بحق إسرائيل في الوجود، ويهدد قادتها بالقضاء عليها».
وأشار إلى أن توقيت اعتقاله، بعد الكشف عن عملية الموساد في نهب الأرشيف النووي الإيراني، لفت إلى أن سيغيف عمل مدة ست سنوات في خدمة الإيرانيين، ولم يتمكن الشاباك من اكتشاف ذلك سوى في الشهور الأخيرة. وأضاف أن قضيته تؤكد أن الاستخبارات الإيرانية، بأذرعها المختلفة، تبذل جهودا كبيرة في «تنفيذ عمليات إرهابية مباشرة ضد إسرائيل، أو غير مباشرة عن طريق حركتي حماس والجهاد الإسلامي وحزب الله». كما قال إن إيران تبذل جهودا في جمع معلومات استخبارية وشن هجمات سيبرانية.
وأبرزت صحيفة «هآرتس» أن سيغيف قدم معلومات وتفاصيل حول منشآت أمنية وأخرى تتصل بمجال الطاقة، بيد أن تقديرات الأجهزة الأمنية تشير إلى أن المعلومات التي قدمها متقادمة.
وعلى غرار يوسي ميلمان أكد المحلل العسكري للصحيفة، عاموس هرئيل، أن القضية تثير تساؤلات جوهرية بشأن الجاهزية الإسرائيلية لإحباط عمليات التجسس، وأنه سيتوجب على الشاباك أن يوسع نطاق تحقيقاته للتأكد من أن الإيرانيين لم يجندوا آخرين.
وديع عواودة: