لجنة أممية تؤكد ارتكاب النظام السوري لجرائم حرب أثناء حصار الغوطة

حجم الخط
0

سوري وابنته يسيران في عفرين بعدما هجروا من الغوطة الشرقية

نيويورك الأمم المتحدة – “القدس العربي” – عبد الحميد صيام

قال تقرير صدر، الثلاثاء، عن لجنة الأمم المتحدة المعنية بالتحقيق في انتهاكات القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان في سوريا، إن النظام السوري ارتكب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية أثناء حصاره للغوطة الشرقية والذي استمر خمس سنوات، ووصفه التقرير بأنه أطول حصار في التاريخ.

وينص التقرير المكون من 23 صفحة، ووصل “القدس العربي” نسخة منه، أن الحرب في سوريا تعود بهمجيتها إلى القرون الوسطى، مشيرا إلى أن نحو ربع مليون إنسان تعرضوا للقصف والتجويع والترويع بشكل شبه يومي طوال مدة الحصار. وحثت اللجنة كافة الأطراف على التوقف عن استخدام أساليب الحصار في المستقبل لأن ذلك يصنف على أنه جريمة حرب.

وطلب مجلس حقوق الإنسان، خلال آذار/مارس، إجراء تحقيق عاجل وشامل ومستقل بشأن الأحداث الأخيرة في الغوطة الشرقية. ويعرض التقرير أحداث حصار الغوطة الشرقية واستعادتها من طرف القوات الموالية للنظام.

وأثناء التصعيد المثير في سياق الحملة العسكرية لاستعادة الجيب المُحاصر في الفترة ما بين شباط/فبراير ونيسان/أبريل، لجأت القوات الموالية للنظام إلى القصف الجوي والأرضي الذي تسبب في مقتل المئات من السوريين رجالا ونساء وأطفالا. وبحلول نيسان/أبريل، كان العديد من المنازل والأسواق والمستشفيات قد سويت بالأرض وهو ما يرقى إلى مستوى جرائم حرب كما أن إطلاق القذائف من قبل الجماعات المسلحة والجماعات الإرهابية بشكل عشوائي على الأحياء المكتظة بالسكان في دمشق  تعتبر أيضا جرائم ضد الإنسانية.

وقام المدنيون المرعوبون في سعيهم لتجنب القصف، بالاحتماء داخل ملاجئ مؤقتة واقعة تحت الأرض، حيث عاشوا لشهور طويلة تحت الأرض داخل أقبية وفي ظروف عصيبة.

وصرح رئيس اللجنة باولو بينيرو قائلا: “إنه لأمر مقيت أن يُستهدف المدنيون المحاصَرون بصورة عشوائية، وأن يحرموا بشكل منهجي من الأغذية والأدوية”، مضيفا أن “ما يظهر بجلاء من خلال المرحلة الأخيرة من الحصارهو إحجام كل الأطراف المتحاربة عن اتخاذ أي إجراء لحماية السكان المدنيين”.

وخلص التقرير إلى ارتكاب القوات الموالية للنظام جرائم ضد الإنسانية متمثلة في التسبب في معاناة عقلية أو بدنية شديدة  وذلك خلال القصف الواسع النطاق والمستمر للمناطق والأحياء المأهولة بالمدنيين في الغوطة الشرقية وحرمان المدنيين المحاصرين من الغذاء والدواء خلال فترة الحصار.

وأثناء الفترة ما بين شباط/فبراير ونيسان/أبريل، قامت المجموعات المسلحة والتنظيمات الإرهابية المحاصَرة بدورها بإطلاق قذائف هاون غير مُوَجهة صوب مدينة دمشق المجاورة والمناطق المتاخمة، مما أدى إلى قتل وتشويه المئات من المدنيين السوريين.

وصرح عضو اللجنة هاني مجالي: “حتى وإن كانت القوات الموالية للنظام تقوم بقصف وتجويع السكان المدنيين في الغوطة الشرقية بهدف إخضاعهم، فإنه ليس هناك ما يبرر القصف العشوائي للمناطق المأهولة بالمدنيين في دمشق”. مضيفا أن “هذه الأعمال من طرف لمجموعات المسلحة وأعضاء التنظيمات الإرهابية ترقى بدورها إلى جرائم الحرب”.

وذكر التقرير أنه بحلول موعد إعلان قوات النظام استعادة الغوطة الشرقية بشكل كامل يوم 14 نيسان/  أبريل، قد تعرَّض حوالي 140 ألف شخص للتشريد من ديارهم فيما تعرض عشرات الآلاف منهم للاحتجاز غير القانوني من طرف قوات النظام في مواقع تقوم بإدارتها في مختلف أنحاء ريف دمشق.

وقالت عضوة اللجنة كارين أبو زيد إن”الاحتجاز العشوائي لكل المدنيين الفارِين من الغوطة الشرقية عبر الممرات الإنسانية بما في ذلك النساء والأطفال، أمر يستحق الشجب. واضافت: “إن الاحتجاز المتواصل لهؤلاء الأفراد في حالات عديدة هو بمثابة سلب تعسفي للحرية واحتجاز غير قانوني لمئات الآلاف من الأفراد”.

وقد تعرض نحو 50 ألف مدني من الغوطة الشرقية للتهجير باتجاه محافظتي إدلب وحلب، دون أن يمنح النظام السوري أي دعم للمحافظتين.

ويذكر التقرير كذلك أن الأضرار الجسدية والنفسية المتراكمة خلال الحصار، ما برحت تؤثر سلبا على مئات الآلاف من الرجال والنساء والأطفال في كل أنحاء سوريا.

ويُرتقب أن يُقدم تقرير اللجنة يوم 26 حزيران/يونيوخلال حوار تفاعلي بمناسبة انعقاد الدورة الثامنة والثلاثين لمجلس حقوق الإنسان.

وتتألف لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بسوريا من باولو سيرجيو بينيرو (رئيسا) وكارين أبو زيد، وهاني مجلي. وقد كُلّفت اللجنة من قبل مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بمباشرة   التحقيق وتوثيق كافة انتهاكات القانون الدولي داخلسوريا منذ آذار/مارس 2011.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية