اثينا – أ ف ب: رحبت اليونان أمس الجمعة بالاتفاق «التاريخي» الذي توصلت اليه منطقة اليورو وأعلنت فيه انتهاء ثماني سنوات من أزمة الديون، مؤكدة انها «تطوي صفحة» من المعاناة استمرت طويلا.
وأبرم الاتفاق، الذي يشمل تخفيفا كبيرا للمرة الأخيرة لديون أثينا، ليل الخميس/الجمعة إثر اجتماع صعب لوزراء مالية منطقة اليورو استمر اكثر من ست ساعات في لوكسمبورغ.
وقال رئيس الوزراء اليوناني الكسيس تسيبراس «لقد توصلنا إلى اتفاق تاريخي في مجموعة اليورو حول ديون اليونان»، مضيفا «تكتب صفحة جديدة لكن يجب ألا نخرج» عن طريق الإصلاحات والجهود في ضبط الميزانية.
وقال المفوض الاوروبي للشؤون الاقتصادية بيار موسكوفيسي ان «أزمة اليونان تنتهي هنا، هذه الليلة. وصلنا اخيرا إلى نهاية النفق الذي كان طويلا جدا وصعبا. إنها لحظة تاريخية».
وقال وزير المالية الفرنسي برونو لومير «المفاوضات كانت صعبة، فلنعترف بذلك، لكنني اعتبر ان مشكلة الدين اليوناني اصبحت الان خلفنا».
ورحب وزير المالية اليوناني يوكليد تساكالوتوس بالاتفاق قائلا «انا مسرور»، مضيفا «يجب ان نحرص على ان يشعر الشعب اليوناني بنتائج ملموسة».
وقال الناطق باسم الحكومة اليونانية ديمتريس تزاناكوبولوس من «اليونان تطوي صفحة، دَينها اصبح الآن قابلا للسداد». وأضاف «هذا قرار تاريخي…اعتقد انه اصبح في إمكان الشعب اليوناني ان يبتسم وان يتنفس مجددا».
وسيتيح الاتفاق لأثينا الخروج من وصاية دائنيها في الموعد المقرر في 20 أغسطس/آب المقبل، كما سيتيح لها بأن تموّل نفسها في الأسواق (أي ان تقترض) بعد سنوات من الانكماش الحاد وثلاثة برامج مساعدات.
لكن وسائل إعلام ومحللين حذروا من الإفراط في التفاؤل، قائلين ان احترام التزامات الميزانية الواردة في الاتفاق سيتطلب تطبيق قواعد صارمة جدا. كما ان البلاد ستبقى خاضعة لمراقبة مشددة من الجهات الدائنة.
وكتبت صحيفة المعارضة (تا نيا) أنه «سيكون خطأ رهيبا التوهم ان نهاية برامج المساعدة تعني عودة إلى الوضع الطبيعي»، مضيفة «ما يلي ذلك مراقبة مشددة لم تشهدها اي دولة اخرى» بعد مثل هذه البرامج.
وحسب مصادر عدة، تم تمديد محادثات وزراء مالية منطقة اليورو لأن ألمانيا ابدت معارضة في اللحظة الأخيرة لتخفيف ديون اليونان، وهو الإجراء الذي تعتبره الجهات الدائنة ضروريا لضمان مصداقيتها في الأسواق المالية.
وتضمن اتفاق الوزراء تمديد استحقاق سداد قسم كبير من ديون اليونان لمدة عشر سنوات، رغم ان مستواه يبقى الأعلى في الاتحاد الاوروبي (180% من إجمالي الناتج المحلي) ما سيتيح لليونانيين الا يبدأوا سداد قسم من الديون قبل عام 2032 بدلا من 2022 كما كان قائما حتى الان.
وأعلن الوزراء أيضا انهم سيستعرضون وضع الدين اليوناني في 2032 ويتفقوا اذا لزم الامر على إجراءات تخفيف جديدة.
كما اتفق الوزراء على دفع آخر شريحة من المساعدة وتبلغ 15 مليار يورو مقابل 88 من الإصلاحات التي انجزتها اليونان في الاسابيع الماضية.
ومن أصل هذا المبلغ، 5.5 مليار مخصصة لخدمة الدين و9.5 مليار «لشبكة أمان مالية» واكثر من 24 مليار يورو للاشهر الـ22 التي ستلي خروج اليونان من البرنامج.
وبضغط من ألمانيا، ستبقى بعض إجراءات تخفيف الديون مشروطة بمواصلة آخر الإصلاحات وبعضها سيمتد على أشهر عدة.
وستكون اليونان اعتبارا من خروجها من برنامج المساعدات في أغسطس وحتى العام 2022 تحت مراقبة مشددة من جانب دائنيها الأوروبيين، وستكون المراقبة أشدّ حتى من تلك التي فرضت على البرتغال وقبرص وايرلندا.
وأمس أعلنت كريستين لاغارد، المديرة العامة لـ»صندوق النقد الدولي» التي كانت حاضرة في لوكسمبورغ ان الصندوق الذي شارك ماليا في أول برنامجين يونانيين، لن يشارك في الثالث لكنه سيبقى ضالعا في مراقبة ما بعد برنامج الخروج.
وحصلت اليونان خلال ثماني سنوات على مساعدات تزيد عن 273 مليار يورو من دائنيها، منطقة اليورو وصندوق النقد الدولي، وزعت على ثلاثة برامج مساعدات.
في المقابل، اضطر اليونانيون إلى تطبيق مئات الإصلاحات التي غالبا ما كانت مؤلمة، وكان هدفها بشكل أساسي تصحيح المالية العامة.