غزة ـ «القدس العربي» : رجحت مصادر فلسطينية مطلعة أن يصار إلى عقد اجتماع عربي قريب، عقب انتهاء جولة مبعوثي الإدارة الأمريكية للمنطقة التي تهدف لتسويق «صفقة القرن»، من أجل بحث سبل التعامل مع هذا الطرح الأمريكي، الذي لم يلاق استحسانا عربيا حول الكثير من النقاط الواردة في الخطة، وأهمها ملف القدس.
وحسب المعلومات المتوفرة فإن الطاقم الأمريكي الخاص بعملية السلام، والقريب جدا من حكومة إسرائيل، طرح أفكار خطة السلام الجديدة على عدد من العواصم العربية، قبل أن ينتقل إلى إسرائيل للقاء رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو.
وقرر مبعوثا الإدارة الأمريكية جاريد كوشنر وجيسون غرينبلات، عقد اجتماعاتهما في هذه الجولة مع الشخصيات الأولى العربية، بمشاركة وزراء الخارجية ومسؤولي الاستخبارات.
لا بيانات مشتركة
وعلمت «القدس العربي» أن مبعوثي الإدارة الأمريكية طلبا من زعماء الدول العربية، بحث المقترحات التي قدمت لهم من أجل «إنهاء الصراع في الشرق الأوسط».
ولم يصدر أي بيان مشترك عن الاجتماعات التي عقدها مبعوثا الإدارة الأمريكية والزعماء العرب، وهذا يشير إلى نتائج المباحثات. واكتفت الدول العربية بإصدار بيانات منفردة جرى خلالها التأكيد على دعم للجهود والمبادرات الدولية الرامية للتوصل إلى تسوية عادلة وشاملة، وذلك طبقاً للمرجعيات الدولية المتفق عليها وعلى أساس حل الدولتين وفقاً لحدود 1967، تكون فيه القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين، وهو ما يخالف الطرح الأمريكي بإخراج مدينة القدس من طاولة التفاوض.
كذلك طلب مبعوثا الإدارة الأمريكية من الزعماء العرب دعم استمرار رعاية واشنطن الخاصة لعملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين بالشكل الذي كانت عليه قبل السادس من كانون الأول/ ديسمبر من العام الماضي، وهو التاريخ الذي أعلن فيه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب القدس عاصمة لدولة الاحتلال، ونقل سفارة بلاده إليها.
وقوبل القرار برفض فلسطيني قوي، تمثل في تجميد الاتصالات مع الإدارة الأمريكية، وإطلاق خطة سلام فلسطينية جديدة، تشمل عقد مؤتمر دولي، وتشكيل آلية دولية للإشراف على المفاوضات من عدة دول، تكون الإدارة الأمريكية طرفا فيها وليست راعيا وحيدا لها.
ويجري حاليا في أروقة العواصم العربية التي زارها مبعوثا واشنطن، بحث عقد اجتماع في جامعة الدول العربية، لمناقشة المقترحات الأمريكية الجديدة، وهو أمر يجري بالتشاور مع القيادة الفلسطينية التي تدعم عقد الاجتماع، بهدف تشكيل موقف عربي جديد، تريد من خلاله إعادة التأكيد على قرارات القمة العربية التي عقدت أخيرا في مدينة الظهران في المملكة السعودية.
وتلقت مؤسسة الرئاسة الفلسطينية اتصالات عدة خلال الأيام الماضية، من عواصم عربية، جرى خلالها نقل ما جرى بحثه في تلك اللقاءات التي جرت مع المسؤولين الأمريكيين.
وتؤكد المصادر الفلسطينية المطلعة، أن هناك الكثير من الأمور التي جرى طرحها من قبل مبعوثي واشنطن، لا تزال في طي السرية، ولن يكشف عنها في الوقت الحالي، بطلب من أمريكا، وتؤكد أن ذلك يظهره ابتعاد بيانات البيت الأبيض عن ذكر أي تفاصيل حول خطة «صفقة القرن»، وكذلك ابتعاد البيانات عن ذكر تفاصيل الخطة التي نوقشت مع الزعماء العرب، والاكتفاء بالحديث العام عن السلام، والإشارة إلى أن المباحثات ناقشت فكرة «المساعدة الإنسانية لغزة»، وهي خطة ترفضها القيادة الفلسطينية، وترى فيها مدخلا لتمرير مخططات فصل القطاع، عن باقي أجزاء الدولة الفلسطينية المنشودة.
ورسميا علقت منظمة التحرير الفلسطينية على جولة مبعوثي الإدارة الأمريكية، بتأكيد حنان عشراوي عضو اللجنة التنفيذية «أن الولايات المتحدة الأمريكية، أنهت الشروط الأساسية لأي حل سياسي، وتعد لصفقة مشبوهة». وشددت على أنه «لن يكون هناك اتفاق سلام دون الالتزام الراسخ بقرارات وقوانين الشرعية الدولية وبالتطبيق الفعلي لمبادئ العدالة وحقوق الإنسان».
الخطة الأمريكية تفضل غزة عن الضفة
كما نددت حركة فتح التي يتزعمها الرئيس عباس، بالتحركات الأمريكية في المنطقة تحت عنوان «تحسين الوضع الإنساني في غزة». وقال الناطق باسم الحركة أسامة القواسمي، إن هذه التحركات «تشكل تناقضا كبيرا مع مواقف الإدارة الأمريكية الأخيرة، وأبرزها تقليص مساهمتها لوكالة الأونروا، وقطع المساعدات عن الشعب الفلسطيني». وأكد أن هذه التحركات التي وصفتها بـ «المشبوهة» تهدف إلى فصل قطاع غزة خدمة لأهداف إسرائيلية بغرض تصفية القضية الفلسطينية، مشددا على أن هذه الأفكار لن تمر، ولن تجد طريقها للنجاح. وقال إن الحل يكمن بإنهاء الاحتلال الاسرائيلي بشكل كامل عن كل أراضي دولة فلسطين المحتلة وعاصمتها القدس، لافتا إلى أن محاولات حرف الصراع وجعله «مساعدات إنسانية»، ما هو إلا «ضياع للوقت، واستنساخ لتجارب فاشلة». وفي السياق، كشفت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، أن التفاصيل التي تسربت عن الخطة الامريكية، لا تلبي المطالب الفلسطينية، مما قد يؤدي الى رفضها القاطع من جانب الفلسطينيين . وذكرت الصحيفة في تحليل لها، ان الأمريكيين سيعرضون على الفلسطينيين إقامة عاصمة دولتهم في «حي أبو ديس» شرق القدس، مقابل انسحاب اسرائيل من ثلاثة الى خمسة أحياء عربية في شرق المدينة وشمالها وإبقاء البلدة القديمة تحت السيطرة الاسرائيلية.
كما لا تشمل الخطة الأمريكية إخلاء نقاط استيطانية، وأنها تنص أيضا على إبقاء منطقة الأغوار تحت السيطرة الاسرائيلية، وبموجب ما كشف فإن الخطة تقضي أيضا بأن تكون الدولة الفلسطينية المنشودة «منزوعة السلاح الثقيل». وهذه المقترحات وغيرها سبق أن كشف عنها الدكتور صائب عريقات، أمين سر اللجنة التنفيذية، وأعلن عن رفضها فلسطينيا. وحسب ما ذكرت «هآرتس» فإن محافل سياسية في العاصمة الأردنية عمان، أعربت عن قلقها، ازاء بند في الخطة الامريكية يمنح المملكة السعودية ودولا خليجية أخرى موطئ قدم في إدارة الحرم القدسي الشريف.
وهذا المقترح الأمريكي يسحب الامتياز الأردني في الإشراف على الأوقاف الدينية الإسلامية والمسيحية في مدينة القدس المحتلة. ومن المقرر أن يلتقي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الملك الأردني عبد الله الثاني، في البيت الأبيض الإثنين المقبل، حيث سيناقشان القضايا التي تهم الجانبين، بما فيها عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين.