تونس: علماء الزيتونة يتهمون اللجنة الرئاسية للمساواة بنشر الإباحية وتغذية الإرهاب وضرب استقرار المجتمع

حجم الخط
5

تونس – «القدس العربي» : هاجم علماء الزيتونة اللجنة الرئاسية المكلّفة بتفعيل المساواة بين الجنسين، في بيان شديد اللهجة اتهمها بنشر الإباحية والفاحشة وتغذية الإرهاب وضرب استقرار المجتمع، ورد أنصار التيار «الحداثي» باتهامهم بإصدار بيان «قروسطي»، محذرين من تبعاته على سلامة أعضاء اللجنة.
وكانت لجنة الحريات الفردية والمساواة، التي شكّلها الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي في وقت سابق وترأسها البرلمانية بشرى بالحاج حميدة، قدمت قبل أيام تقريرها النهائي إلى رئيس الجمهورية، ويتضمن عدداً من النقاط المثيرة للجدل أبرزها، المساواة التامة بين الرجال والنساء وبين جميع الأطفال بمن فيهم المولودون خارج إطار الزواج، وفضلاً عن إلغاء تجريم المثلية وإسقاط عقوبة الإعدام وتجريم التمييز ورفع القيود الدينية على الحقوق المدنية.
وأصدر علماء ومشايخ جامعة الزيتونة بيانا شديد اللهجة اعتبروا فيه أن التقرير الذي أصدرته اللجنة يناقض بشكل «صريح» ما ورد في القرآن والسنّة النبوية و«ما انعقد عليه إجماع الأمة» وخاصة في ما يتعلق بتحريم الزنا والمثلية وأحكام الميراث والنسبة والنفقة والعدة والمهر، فضلاً عن «تعارضه» مع هوية الشعب التونسي المسلم ومحاولة التعدي على قيمه الروحية والأخلاقية.
واعتبر البيان أن التقرير يؤدي إلى «مخالفة الفطرة الإنسانية السليمة وهدم الأسرة والإضرار بالمرأة والأبناء بالخصوص وتهديد سلم المجتمع وانسجامه وزعزعة الأمن القومي والسيادة الوطنية، وذلك بتكريس الفردانية ونشر الإباحية وإشاعة الفاحشة وتغذية الإرهاب مما يؤول إلى تعاظم الاحتقان الشعبي وضرب وحدة المجتمع والدولة، والإساءة إلى تونس في انتمائها العربي والإسلامي وفي فضائها المغاربي والإقليمي».
وأثار البيان ردود فعل متفاوتة في تونس، حيث دوّن الباحث سامي براهم «بيان أهل الزيتونة يؤكّد أنّ مجرّد تصدير التقرير المثير للجدل بديباجة إنشائيّة عن المقاصد ومراعاة المصلحة وتغيّر الأحكام بتغيّر الزّمان مع توظيف انتقائيّ للمفاهيم والنّصوص واستعمال تبسيطيّ لآليّة القياس من دون اعتبار لاختلاف السياقات والملابسات والعلل، لا يمكن أن ينتج رؤية اجتهاديّة نوعيّة تؤسّس لانتظام اجتماعيّ مختلف بشكل جذريّ عن السّائد».
وأضاف: «الاجتهاد الذي يتلاءم مع حاجات الواقع وتطوّراته هو الحوار المعرفي التّراكمي المنهجي المتكافئ بين أهل الضّبط العلمي وسالكي درب المعرفة من الباحثين والمجتهدين في تحصيل العلوم ومناهج الاستقراء والتحليل والاستنباط من مختلف الاختصاصات والمدارس وليس الرّؤية المركزيّة المتقوقعة على الذّات أيّاً كانت مرجعيّتها وتموقعها الهووي والقائمة على المغالبة والاصطفافيّة والاستقطاب الأيديولجي الذي يقسّم المجتمع ويشوّش السّلم الأهلي».
فيما انتقدت الباحثة رجاء بن سلامة ما ورد في البيان، حيث كتبت مشيرة إلى علماء الزيتونة «خرجوا لتوّهم من العصر الجليديّ، كأنّهم خرجوا من الكهف بعد 300 عام. كأنّهم أُدخلوا في ثلاّجة منذ الاستقلال، فتجمّدوا ثمّ أخرجوا، وعندما عادت إليهم الحياة، قرأوا تقرير الحريات الفرديّة والمساواة وكتبوا عنه بيانا قروسطيّا. ياإلهي: ما زال في القرن 21 من يتحدّث عن انعقاد إجماع الأمة، وأحكام قطعيّة، والفطرة الإنسانيّة السّليمة، وإشاعة الفاحشة، وضلال مبين؟».
وأضافت: «سؤال وحيد إلى أساتذة الزيتونة أصحاب البيان المزلزل: «إجماع الأمّة» المنعقد هل يضمّ الجنّ إضافة إلى الإنس؟ وهل يضمّ الأجنّة في بطون أمهاتهم؟ ومتى انعقد؟ أسئلة لم أستنبطها، ولكنّها توجد في ترسانة نصوص الفقه والفتاوى. نعرف الكتب التي تعرفونها. لكنّنا لم ندخل إلى ثلاّجة تجميد العقل».
وتساءل الباحث كمال الزغباني «كيف تسمح رئاسة جامعة تابعة لوزارة في دولة تقول عن نفسها أنّها «ديمقراطيّة» بتنظيم ملتقى تعلن فيه صراحة ومنذ البداية أنّه معقود لبيان «تهافت» تقرير ما أو شيء ما أيّا ما كان، والحال أنّها مؤسّسة أكاديميّة؟ بأيّ مبرّر علمي أو بيداغوجي تنظّم رئاسة الجامعة المذكورة ذلك اليوم الدراسي بالتعاون مع جمعيّة يحمل اسمها في حدّ ذاته تناقضا صارخا ومقزّزا «الإعجاز العلمي في القرآن» في إشارة إلى ملتقى نظمته جامعة الزيتونة مع الجمعية التونسية للإعجار العلمي بعنوان «تعافت تقرير لجنة الحريات الفردية والمساواة».
وأضاف: «بأيّ حقّ واستناداً على أيّ تشريع أو عرف جامعي تسمح الجهة المنظّمة لهذا اليوم الدراسي باعتماده ضمن برامج الدكتوراه. أي بإجبار الطلبة الباحثين على تبنّي الموقف الإيديولوجي والسياسي الذي يعلنه بلا مواربة؟ أين الحرّيّات الأكاديميّة؟ أين استقلاليّة الجامعة عن الأحزاب وأنشطتها التعبويّة؟ أين الوزارة؟ أين نقابة التعليم العالي؟ أين المنظّمات الحقوقيّة والمجتمع المدني وكلّ المؤمنين بالحرّية فكرا وممارسة؟ أليست هذه درجة قصوى من الإرهاب السياسي والإيديولوجي التي ينبغي علينا جميعا التصدّي لزحفها المدمّر؟».
فيما عبّرت رئيسة اللجنة الرئاسية، البرلمانية والحقوقية بشرى بالحاج حميدة عن شكرها للدولة التونسية التي قالت إنها أمنت حماية أعضاء اللجنة ولكل من تضامن مع اللجنة، مضيفة: «الحب والإنسانية ينتصران حتما على الحقد والكراهية والعنف. ومعركتنا من أجل إنسانيتنا ومن أجل القضاء على التمييز وأسبابه ومن أجل قيمة أساسية وهي الحرية. وحريتي تعني حريتك، معركة جميلة وطويلة وضمان نجاحها يمر عبر الحوار مع الجميع وخاصة مع هؤلاء الذين يتصورون أنهم غير معنيين بهذه الحقوق أو معارضين لها».
وكان عدد من السياسيين والحقوقيين عبّروا عن تضامنهم مع أعضاء لجنة الحريات الفردية والمساواة، وطالبوا بمحاكمة عدد من المتشددين الذين دعوا إلى «رجمهم» والاعتداء عليهم بهدف جعلهم «عبرة» لبقية التونسيين.

تونس: علماء الزيتونة يتهمون اللجنة الرئاسية للمساواة بنشر الإباحية وتغذية الإرهاب وضرب استقرار المجتمع
أنصار التيار الحداثي يحذرون من تبعات بيانهم «القروسطي» على سلامة أعضاء اللجنة
حسن سلمان

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول تونسي ابن الجمهورية:

    علماء الزيتونة….؟ من هم و كم عددهم و ما دخلهم فى مؤسسات الدولة …؟ أيها السادة نحن فى دولة مدنية يحكمها القانون و لا غير القانون ….الاصلاحات لم تنزل من السماء بل نتيجة لتطور المجتمع التونسي …؟ أين كنتم يوم وقع التصويت على فصول المساواة التامة و الحريات الفردية و خاصة حرية المعتقد و الضمير …؟ اليوم اكتشفتم انكم مسلمين و ان الإسلام فى خطر أين كنتم عندما وقع تعطيل 90% من ثوابت الإسلام فى تونس …؟
    احسن رد على هؤلاء هو العمل على إقرار المساواة التامة و تنزيل كل قرارات لجنة الحريات الفردية و المساواة فى القوانين التونسية ….نحن نريد الديمقراطية كل الديمقراطية و المساواة كل المساواة و الحرية كل الحرية و لن تتنازل قيد أنملة على تطبيق دستورنا فوق ارضنا التونسية و إنهاء النفاق و الرياء العام …تحيا تونس تحيا الجمهورية و لا ولاء إلا لها

  2. يقول عبود:

    هذه صفقة أو صفعة القرن بين إسرائيل والعرب التي تحكي عليها وسائل الأعلام وكأن صفقة القرن بدأت بالثورة التونسية

  3. يقول محمد من تونس:

    يقول الله سبحانه وتعالى: ” وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ ۖ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ ۚ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا ۚ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَٰكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ ۖ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ۚ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (48) وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ ۖ فَإِن تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ ۗ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ (49) أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ ۚ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ ”
    وأحكام الميراث والنسبة والنفقة والعدة والمهر وغيرها مفصلة في القرآن الكريم، أفنترك أحكام الله الذي هو أدرى بما يصلح لنا ونستبدلها بأحكام أخرى من صنع أنفسنا فتحيد بنا عما شرعه الله لنا
    ” وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ”
    ” فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ “

  4. يقول تونسي ابن الجمهورية:

    @محمد : هل كل الشريعة الإسلامية و القرأن الكريم هو الميراث و النسب و النفقة و العدة و المهر…؟ أين الباقى …ام كل واحد يأخذ الجزء الذى يناسبه ….ليفتى لنا بالحلال و الحرام ….تحيا تونس تحيا الجمهورية و لا ولاء إلا لها

  5. يقول درر:

    ثمرات الثورات!!!!!

إشترك في قائمتنا البريدية