«ليس من الضروري أن نملك قنابل ذرية بقدر أمريكا، أو علماء بقدر روسيا، فليست البلاد التي تنقصها القنابل الذرية أو القوات الكبرى هي التي يجب أن تُدعى دولاً من الدرجة الثانية، بل ينبغي أن يطلق ذلك على البلاد التي تعوزها المُثُل العليا، إن أول ما نحتاج إليه هو معالجة الجهل المُتفشي بيننا عن الحقائق الأولية للدين».
هذا المقطع ليس لداعية إسلامي يعتلي منبره للوعظ والتوعية، وليست لمفكر إسلامي يسبر أغوار التجارب ويشخص الداء ويستخلص الدواء، بل صاحب هذه الكلمات لا ينتمي بالأساس إلى أمة الإسلام، إنه القائد البريطاني الفذ مونتغمري صاحب السّجِل الحافل بالانتصارات العظيمة، أبرزها انتصاره على ثعلب الصحراء الألماني روميل في معركة العلمين.
وليس هذا المقطع الذي يكشف نزْعته في التدين كلمات عابرة، إنما يأتي في سياق توجُّهٍ عام كشف عنه القائد في كتابه «السبيل إلى القيادة»، الذي أبرز فيه أهمية العقيدة والإطار الأخلاقي للقائد، ومن أقواله في هذا الباب: «لا يستهوي القائد الكثيرين من الناس إن لم يتحَلَّ بالفضائل الدينية». «الاستقامة في القضايا المعنوية الكبرى وفي الفضائل الدينية، أمر ضروري لنجاح القائد». وتحدث مونتغمري عن بنات جيله بكل فخر واعتزاز قائلًا: «إن البنات لم يكن يُسمح لهن بالخروج من البيت وحدهن والذهاب مع الأولاد إلى المراقص وغيرها».
وربما لو قال هذا الكلام قائد مسلم لاتُّهِم بالتخلف والرجعية، فالبعض يرى التدين في حياة مونتغمري حالة فردية لا تعبر عن روح التدين في الجيوش الغربية، لكن هذه النظرة قد تتبدد إذا علمنا أن القائد العام للحلفاء خلال الحرب العالمية الثانية آيزنهاور، كان شديد التدين، حتى أن جون فوستر وزير خارجيته كتب في مذكراته أن آيزنهاور كان يرضخ لآراء القس الذي يصلي في كنيسته حتى في القضايا السياسية، ولذا كان يتم اللجوء إلى هذا القس عند الحاجة لإقناعه بشيء ما.
أما رئيس الجمهورية الفرنسية الأسبق شارل ديغول، فقد كان متدينًا للغاية، لدرجة أنه بعد وفاته اقترح أحد رجال الدين المسيحي منْحه لقب قديس، نظرًا لشدة تمسكه بدينه، وحرصه على التصدي للرذائل وإشاعة الفضائل في بلاده.
نظرة التدين لدى القائد مونتغمري لم تكن عبارة عن توجُّه شخصي بقدر ما هي قناعة راسخة بأهمية العقيدة للجيوش، وهو ما عبّر عن أهميتها العسكرية سابقًا نابليون بونابرت بطريقة أخرى حين قال: «قيمة المعنويات بالنسبة للقوى المادية تساوي ثلاثة على واحد»، وحتى بعد التطور العسكري الهائل الذي وصلت إليه الجيوش في الوقت الحاضر، لا تزال القيم الروحية والعقيدة ضرورة للجيوش.
وعندما نتكلم عن أهمية العقيدة بالنسبة للجيوش فإننا نعني العقيدة بصفة عامة، كل من يحمل عقيدة ولو كانت خاطئة، فهو يتمحور حولها، وتضبط سلوكه، ويموت من أجلها، لأنها لا تتعلق بمنفعة دنيوية حاصلة يمكن تعويضها في مجالات أخرى، فعقيدة اليابانيين في الحرب العالمية كانت هي التي تحرك الكاميكازي نحو الهجمات الانتحارية، عن طريق الاصطدام المتعمد بسفن الحلفاء بطائرات محملة بالوقود لتفجيرها.
حتى السوفييت أدركوا أهمية العقيدة والتدين في الحرب العالمية الثانية، فعمدوا إلى التساهل مع المواطنين المسيحيين والمسلمين والسماح لهم، بل دعوتهم للصلوات وإظهار الشعائر الدينية، إضافة إلى أن الشيوعية في حد ذاتها عقيدة يتجمعون حولها.
وحتمًا أنا لا أزعم أن الجيوش الغربية تعيش حالة من التدين، لكنني أردت إبراز أهمية التدين للحياة العسكرية التي رآها قادة عسكريون من الطراز الأول.
إن تقرير هذه الحقائق ينقلنا لا محالة إلى إشكالية التعامل مع التدين في الجيوش العربية، حيث أن هناك تحفظًا شديدا في تلك الجيوش على إظهار شعائر التدين، لدرجة أن الاستخبارات الحربية في معظم تلك الجيوش تُوجِّه جهدًا كبيرًا لرصد حالات التدين، وغالبا ما تتم ملاحقة المتدينين من الضباط والجنود.
ولئن كان انتشار التطرف والإرهاب في العقود الأخيرة، أدى لمزيد من التعسف ضد المتدينين في الجيوش العربية، إلا أنها أظهرت – منذ سقوط الخلافة العثمانية وهيمنة النظم العلمانية – قدرًا كبيرًا من النأي عن التدين والإطار الأخلاقي الإسلامي، حيث شاعت أكذوبة التعارض بين الجندية والتدين، فالقائد الناجح لا يمكن أن يكون هو الشخص المتدين، بل انتشر عن كثير من القادة العسكريين انغماسهم في معاقرة الخمر والإباحية.
هناك شخصية عسكرية فريدة ربما لا يعرفها الكثيرون، هي اللواء الركن محمود شيت خطاب، وزير عراقي سابق، وقائد عسكري ومؤرخ، شارك في حرب فلسطين، وله العديد من المؤلفات، من بينها كتاب «بين العقيدة والقيادة»، الذي نقل تجربته الشخصية مع التدين داخل الثكنات وبين الضباط والجنود، هذا القائد استهل كتابه بأسئلة وردت إليه من قائد سريته بمجرد التحاقه بسلاح الفرسان:
«هل تعاقر الخمر؟
هل تلعب الميسر؟
هل تغازل الغِيد الحسان»؟
ويقول خطاب إنه أجاب دائما بالنفي، فظهرت على وجه القائد خيبة الأمل وقال له بوجهٍ عابس: «لماذا أصبحتَ ضابطاً؟! ولماذا اخترت سلاح الفرسان؟ ولماذا تعيش؟ الأفضل لك أن تموت». وذكر أنه كان من تقاليد الوحدات العسكرية إقامة «وليمة التعارف والاستقبال» للضباط الجدد، تُقدّم فيها الخمور على الرقص وأنغام الموسيقى، ولما رفض تناول الخمر الذي قدم إليه ألحّ عليه الضباط، وأقسم عليه قائد سريته بأن يشرب، لكنه أصر على موقفه، فما كان من قائد الكتيبة إلا أن أشاح بوجهه غاضبًا، وقال: هذا الضابط لا يفيدنا، لا يفيدنا أبدًا».
وفي الحقبة الناصرية بمصر، لم تكن الأمور أفضل حالًا، حيث نأت التوجُّهات القومية والاشتراكية بالقادة عن الاعتماد على العقيدة والتدين في الحياة العسكرية، بل كانت في معارضة دائمة لمظاهر التدين في الحياة العامة فضلًا عن الحياة العسكرية، وربما كان الحفل الساهر في قاعدة أنشاص عشية نكسة يونيو/حزيران 1967، وسَهَر الجنود والضباط حتى الصباح، يكشف حالة الانحلال الأخلاقي التي وصلت إليه الحياة العسكرية في مصر في تلك الفترة، غير أنه في عهد السادات، أعيدت صياغة الشخصية العسكرية المصرية وفق قاعدة الاعتماد على العقيدة.
الاهتمام بالعقيدة أو التدين بصفة عامة في الجيوش ليس مرادفًا للتكريس للإرهاب، وليس هناك أي معنى للفزع من تدين العسكريين والتضييق عليهم، وهذه السطور التي أكتبها أنشد بها إعادة فتح هذا الملف وطرْق أبوابه من قبل الباحثين، لأنها قضية تنتصر لها أطراف عدة، سواء كانوا يدخلون ذلك الميدان بهدف الانتصار للتدين، أو بهدف إحداث تغيير إيجابي في الحياة العسكرية للجيوش العربية، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
كاتب أردنية
إحسان الفقيه
الصلاة ممنوعة بالجيش العربي السوري منذ أحداث حماة سنة 1982 ولغاية اليوم ! ولا حول ولا قوة الا بالله
بالتأكيد العقيدة أمر مهم في العسكرية بمعنى أن يكون لكل جيش في العالم عقيدة عسكرية معينة يتم على أساسها بناء الجيش في تلك الدولة أما التدين لدى الأفراد في تلك الجيوش فهو أمر شخصي ونحن في مجتمعاتنا بالعموم أغلب ابناءها متمدينين اما بسلوك كامل في أداء الشعائر او بأقل الأحوال مؤمنين بقيم الدين وفي الحرب العراقية الإيرانية التي استمرت 8 سنوات كان الجيشان بقادته وجنوده متمدينين والنتيجة معروفة لتلك الحرب وانا ارى ان التدين يختلف تأثيره على الأشخاص فقد يكون له تأثير سلبي في مجال عمله او العكس فقد يجعله ناجع في عمله
“الاهتمام بالعقيدة أو التدين بصفة عامة في الجيوش ليس مرادفًا للتكريس للإرهاب…..” نعم لكن هو طريق لتسلل الارهابيين و المتطرفين و تجار الدين و السياسة إلى المؤسسة العسكرية ….و تكريس ثقافة التقية فى تلبداية و التمكن فى الوسط ثم السيطرة و بعدها الانقضاض على الحكم فى النهاية…و لاء الجيوش لا يكون إلا للوطن فقط لا غير و عقيدته هى الدفاع عنه بكل الوسائل المتاحة …اما مسألة التدين يجب أن تبقى مسألة شخصية و انا لا تخرج عن هذا الايطار و إلا بأس المصير ….تحيا تونس تحيا الجمهورية و لا ولاء إلا لها
*تأكيدا لكلام الأخت الكاتبة عن
اخلاق القائد العسكري(مونتجمري)
*تذكت فقرة من كتاب قرأته عن الرجل.
*عندما قام بزيارة لموسكو بعد
انتهاء الحرب وانتصار الحلفاء على (هتلر)
*الروس احتفلوا بالرجل كقائد فذ ومحترف
* المفاجأة قدموا له الخمور (اعتذر)
مونتجمري وقال لهم بأدب(لا أشرب الخمر)!
قدموا له السجائر برض اعتذر !
قدموا له (نساء) للرقص والمتعة برض اعتذر!
الروس تجنن وقالوا له لا تشرب ولا تدخن
ولا ترقص مع النساء ؟؟!!
فهمنا كيف (انتصرت) بالحرب..؟؟؟!!!
سلام
العلاقة بين الانسان وخالقه هي امر شخصي ، ومهما ارتكب الانسان من معاصي فالمولى عز وجل هو الذي ينظر فيها فيغفر للعاصي او يعاقبه، كما ان التقصير في أركان الدين امر مرجعه ايضا الى المولى عز وجل
يجب ان لاتقتصر في بحث امر الدين عند أفراد الجيش فقط ( مع أهمية ذلك) الذي يشكل ٥ من ١٠٠ من عدد السكان وإنما يجب ان نبحث ذلك لدى أفراد المجتمع
اين تطبيق الأحاديث الشريفة
“إتق الله حيثما كنت ، واتبع الحسنة السيءة تمحها ، وخالق الناس بخلق حسن”
” ان الله يحب اذا عمل. احدكم عملا ان يتقنه”
” جدد السفينة فان البحر عميق ، وخذ الزاد كاملا فان السفر طويل ، واخلص العمل فان الناقد بصير”
” الإيمان بضع وسبعون شعبة ، فاعلاها قول لا اله الا الله، وأدناها إماطة الاذى عن الطريق”
اين تطبيق الآيات الكريمة
” وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله ”
المصيبة ان العالمين العربي والإسلامي قد ابتليا بتحويل الاسلام من قبل ذوي المصالح الى مواضيع تنسحب على السياسة والجهاد والحجاب وطول اللحية وتعدد الزوجات ،. واستلم أعداء الاسلام هذه المواضيع واخترعوا تسمية الاٍرهاب والتطرف والتشدد فأصبح العربي والمسلم في خشية من ان يقال عنه( شوهد يصلي) وبالتالي يربط بالارهاب فحدث الابتعاد التدريجي عن الاسلام في المجتمع وبالطبع سبقه ذلك في الجيش
لسنا بحاجة الى الشيخ مونتغمري او ديغول لكي نعرف أهمية الإيمان في حياة الفرد المدني والعسكري،. وإذا كان العسكري العربي اليوم على إيمان رقيق فما ذلك الا لان الإيمان قد ضعف في المجتمع في الأصل
رسخوا الإيمان في المجتمع وستكون نتيجته ترسخه في الجيش
في ذكر تدين القادة الكبار سيدتي إحسان أضيف لك من تاريخنا المعاصر سيرة البطلالمصري أحمد عبدالعزيز الذي لاصقت صفة البطل اسمه الجميل ففي سيرته في حرب استرداد فلسطين وتجميع المقاتلين وتدريبهم وغرس العقيدة الجهادية الإسلامية الصحيحة فيهم ماجعل لهذا الفدائي ومجموعة مقاتليه الطريق ممه نحو القدس تخيلوا ؟؟
واسترد الكثير من المستوطنات من عصابة الهاغاناه وشتيرن وهدد نعم هدد بنسف المستوطنات على رؤوس محتليها ان لم تخل
ويكفيه فخرا ان اليهود وعصاباتهم تحايلوا عليه لأخذ هدنة وفي هذه الهدنة الكثير من الدروس ففي الصورة الوحيدة المنتشرة له رفض الجلوس معهم في توقيع الهدنة قائلا انه لايجالس المحتلين وقد استشهد في غزة العزيزة وقبره اظن انه لايزال هناك
انصح بقراءة سيرته وتدريسها في مدارسنا والترحم عليه وعلى امثاله
كل التحية للقدس العربي وللسيده إحسان أم طارق