القاهرة ـ الأناضول: بدأت مصر عاماً مالياً جديداً بموازنة طموحة، من وجهة نظر حكومتها، تستهدف زيادة معدلات النمو وخفض عجز الموازنة، رغم تفاقم التحديات التي تواجهها البلاد حالياً.
على رأس تلك التحديات يأتي ارتفاع الدين العام، مصحوبا بزيادة فوائده التي تلتهم جانبا كبيرا من المصروفات.
يستهدف مشروع الموازنة المصرية رفع معدل النمو الحقيقي السنوي إلى 5.8 ٪ من إجمالي الناتج المحلي في 2018/2019 مقابل 5.2 ٪ في العام المالي 2017/2018.
وتسعى الحكومة لزيادة الإيرادات بنسبة 22 ٪، إلى 989 مليار جنيه (55.5 مليار دولار) في العام المالي 2018/2019.بينما من المستهدف خفض الدين العام كنسبة من الناتج المحلي إلى 91 ـ 92 ٪ في العام المالي 2018/2019، مقابل 97٪ في العام المالي 2017/2018. لكن في ظل مساعي خفض الدين، تعتزم الحكومة اقتراض نحو 203 مليارات جنيه (11.40 مليار دولار) من الخارج في العام المالي الجديد، وإصدار أذون وسندات خزانة محليا بقيمة 511 مليار جنيه (28.7 مليار دولار).
ويبدأ العام المالي في مصر مطلع يوليو/ تموز، ويستمر حتى نهاية يونيو/ حزيران من العام التالي، وفقا لقانون الموازنة العامة.
تفاؤل مفرط
المحلل الاقتصادي محمد عبد الحكيم، حذر من تحقيق معدل النمو المستهدف مدفوعاً بموجات التضخم، وارتفاع أسعار السلع والخدمات، وليس عن طريق زيادة الإنتاج الحقيقي.
ورأى أن الحكومة المصرية «مفرطة في التفاؤل فيما يتعلق بالقدرة على تحصيل الضرائب».
وتمثل الضرائب، المقدرة بنحو 770 مليار جنيه (43.2 مليار دولار)، تشكل 77.9 في المئة من إجمالي الإيرادات العامة في الموازنة خلال العام المالي 2018/2019.
يتضمن مشروع الموازنة المصرية توسيع نطاق الضرائب غير المباشرة التي يدفعها الغني والفقير بنفس النسبة، مثل ضريبة القيمة المضافة وضريبة فاتورة الهاتف المحمول وتزيد حصيلتها أساسا من توسيع دائرة الخاضعين لها.
وتستهدف الحكومة المصرية زيادة حصيلة ضريبة القيمة المضافة إلى 320 مليار جنيه (18 مليار دولار) في العام المالي 2018/2019، مقابل 255 مليار جنيه (14.3 مليار دولار) في العام المالي 2017/2018.
عبد الحكيم بين أن تقدير المالية المصرية سعر صرف الدولار مقابل 17.25 جنيه في العام المالي 2018/2019 يعد «تفاؤلا» خصوصا أن سعره يدور حاليا حول 17.80 جنيه.
زيادة التضخم
في حين تستهدف الموازنة المصرية الجديدة خفض التضخم إلى 10 ٪ في العام المالي الجاري، مقابل 20.5 ٪ في العام المالي الماضي، يتوقع عبد الحكيم، في هذا السياق، ارتفاع معدلات التضخم في الشهور المقبلة، نتيجة إجراءات خفض دعم الكهرباء والوقود ومياه الشرب وتعريفة ركوب المترو.
وانتقد ارتفاع فوائد خدمة الدين، والمقدرة بـ 541 مليار جنيه (30.3 مليار دولار)، لتمثل 10.3 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي في العام المالي 2018/2019، مقابل 437 مليار جنيه (24.5 مليار دولار) بما يعادل 10 ٪ في العام المالي 2017/2018.
وعندما بدأ الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ولايته الأولى، كانت فوائد الدين 193 مليار جنيه (10.8 مليار دولار) فقط بما يعادل 7.9 ٪من الناتج المحلي الإجمالي.
فوائد الدين
وتعادل فوائد خدمة الدين، 39٪ من إجمالي المصروفات، وتزيد عن مخصصات ثلاثة بنود وهي الأجور وتعويضات العاملين وشراء السلع والخدمات والاستثمارات.
المحلل الاقتصادي عبد النبي عبد المطلب، قال إن قيمة العجز الكلي في الموازنة المصرية ونسبته إلى الناتج المحلي الإجمالي في العام المالي 2018/2019، «تمثل مشكلة كبرى».
وأضاف أن «النظر إلى قيمة العجز ونسبته بمعزل عن نسبة التضخم، ونسبة الدين العام إلى إجمالي الناتج المحلي، يعطي مؤشرات مضللة عن حقيقة هذا العجز».
وطالب الحكومة المصرية «بتوفير مصادر تمويل حقيقية لتمويل هذا العجز، بما يضمن عدم زيادة الديون الداخلية والخارجية».
تراجع الأجور
ويكشف مشروع الموازنة العامة عن تراجع نسبة الأجور وتعويضات العاملين إلى 5.1 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي، رغم نمو قيمتها بنسبة 11 ٪ على أساس سنوي لتصل إلى 266 مليار جنيه (15 مليار دولار) في العام المالي 2018/2019.
ومن المتوقع أن تسجل فاتورة الأجور وتعويضات العاملين 5.5 ٪ من الناتج المحلي في العام المالي 2017/2018 مقابل 8.2 ٪ في العام المالي 2014/2015.
ويقدر مشروع الموازنة، ارتفاع قيمة فوائد الدين إلى 39 ٪من إجمالي المصروفات في العام المالي المقبل مقابل نحو 36 ٪ في العام المالي الجاري.فيما يتوقع تراجع فاتورة الدعم إلى 23 ٪ من إجمالي المصروفات في العام المالي المقبل.
خفض العجز
ويقدر مشروع الموازنة، قيمة العجز الكلي في الموازنة بنحو 438.5 مليار جنيه (24.6 مليار دولار) في العام المالي المقبل، بما يعادل 8.4 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي.
بينما تقدر قيمة العجز 430 مليار جنيه (24.1 مليار دولار) بما يعادل 9.8 ٪ في العام المالي 2017/2018، و10.9 في المئة في العام المالي 2016/2017.