غزة – «القدس العربي» : اندلعت مواجهات عنيفة على الحدود الشرقية لقطاع غزة، حيث تقام «مخيمات العودة الخمسة»، في سياق إحياء «جمعة الوفاء للخان الأحمر»، ومرور 100 يوم على انطلاق فعاليات «مسيرة العودة»، ما أدى إلى إصابة العشرات من المتظاهرين الفلسطينيين، الذين تمكنوا من قطع أجزاء من السياج الفاصل وإطلاق «طائرات ورقية وبالونات حارقة».
وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية، أمس، عن استشهاد صبي فلسطيني، برصاص الجيش الإسرائيلي خلال مشاركته بمسيرات «العودة» على الحدود الشرقية لقطاع غزة.
وقال أشرف القدرة الناطق باسم وزارة الصحة في بيان صحافي، إن الطفل الفلسطيني عثمان رامي حِلّس (15 عاما)، استشهد جراء تعرضه لرصاص إسرائيلي شرق مدينة غزة. وباستشهاد حلس يرتفع عدد الشهداء لـ 138 فلسطينيا، وأصيب الآلاف بجراح مختلفة.
وفي وقت سابق، أعلنت وزارة الصحة، عن إصابة 25 فلسطينيا، أمس، بجراح مختلفة وبالاختناق، جرّاء استهداف الجيش الإسرائيلي للمتظاهرين السلميين.
وقالت وزارة الصحة في غزة، إن عشرات المواطنين سقطوا في المواجهات التي اندلعت شرق مدينة غزة، وفي مناطق الشمال والوسط والجنوب من قطاع غزة. وأوضحت أن الإصابات وقعت جراء إطلاق جنود الاحتلال النيران وقنابل الغاز المسيل للدموع، بشكل كثيف.
وكانت وزارة الصحة قد أصدرت إحصائية قبل انطلاق فعاليات جمعة أمس، شملت أعداد الضحايا الذين سقطوا من انطلاق «مسيرة العودة»، وقالت إن إجمالي عدد الشهداء بلغ 137 شهيدا، بينهم اثنان من المسعفين، حيث لا يشمل هذا العدد ثمانية شهداء لا يزالون محتجزين لدى الاحتلال، إضافة إلى سقوط أكثر من 16 ألف جريح.
وقالت إن من بين الشهداء 18 صبيا، وسيدتين، وإن من بين المصابين الـ 2600 صبيا وطفلا و1200 سيدة، لافتا إلى ان 55 مصابا تعرضوا لعمليات بتر في أطرافهم.
وكعادة أيام المواجهات السابقة، تعمد جنود القناصة الإسرائيلية الذين تحصنوا خلف تلال رملية وثكنات عسكرية، إطلاق النار بشكل مباشر صوب المتظاهرين العزل، محدثين إصابات بالغة، كذلك استهدف جنود الاحتلال الطواقم الصحافية وطواقم المسعفين بإطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع.
وتمكن شبان من المتظاهرين الذين أموا «مخيمات العودة الخمسة» من الوصول رغم عمليات إطلاق النار من القناصة، إلى مناطق السياج الشائك الذي تضعه قوات الاحتلال قرب الحدود، وتمكنوا من قطعها وجرها إلى داخل القطاع، في رسالة تحد جديدة للجنود.
وأشعل في تلك الأماكن الشبان النار في إطارات السيارات، في محاولة منهم لحجب الرؤية بالدخان الأسود المتصاعد، أمام جنود القناصة، كما رشق آخرون الجنود بالحجارة باستخدام المقلاع.
وبالرغم من نشر جنود الاحتلال منظومة جديدة متطورة لرصد «الطائرات والبالونات الحارقة»، واستهدافه لمطلقيها، إلا أن شبابا أطلقوا عددا منها صوب المناطق الحدودية الإسرائيلية القريبة من غزة، مما تسبب في حرائق.
وقال جيش الاحتلال إنه رصد إطلاق 40 «بالونا حارقا» في ساعات فجر يوم أمس من القطاع، وذكرت تقارير إسرائيلية أن خمسة فرق لمكافحة الحرائق، عملت على إخماد حريق كبير بالقرب منطقة «أور هنر» القريبة من الحدود الشمالية لقطاع غزة، بسبب سقوط «بالون حارق».
كما اندلعت حرائق مماثلة في مناطق الأحراش القريبة من حدود القطاع، وقالت إسرائيل إن 21 حريقا اندلعت حتى مساء أول من أمس الخميس، ويأتي ذلك بالرغم من لجوء إسرائيل الأسبوع الماضي لتشديد الحصار المفروض على غزة، من خلال منع مرور العديد من السلع والمواد الخام للسكان كـ «عقاب» على إطلاق الطائرات والبالونات.
وفي هذا السياق كشفت تقارير إسرائيلية، عن إرسال الجيش الإسرائيلي رسالة شديدة اللهجة لحركة حماس عبر «طرف ثالث» حملت تحذيرات بضربة عسكرية، حال استمرت عمليات إطلاق «الوسائل الحارقة».
وذكرت صحيفة «هآرتس» العبرية أن الجيش حذر حماس من وصول الأمور إلى «حافة الهاوية، ونهاية قدرة إسرائيل على التحمل»، لافتا إلى أن الجيش جهز خلال السنوات الماضية خططاً عسكرية تدريجية، للتعامل مع القطاع من بينها احتلاله بالكامل، وهو يعد أكثر الخطط العسكرية تطرفا.
وحسب الصحيفة فإن الجيش غير معني حاليا بالذهاب نحو ضربة عسكرية واسعة النطاق، لأن ذلك سيوصل إلى عملية عسكرية شاملة وطويلة، خاصة في ظل استمرار التوتر على الجبهة الشمالية، وتوضح أن الجيش في حال استمرار إطلاق «الطائرات والبالونات الحارقة»، سيرد من خلال عملية عسكرية قاسية تجاه حماس، واستهداف بنى تحتية مهمة للحركة.
وقبل أيام كشف النقاب عن قيام جيش الاحتلال بنشر المزيد من بطاريات «القبة الحديدية»، المضادة لصواريخ المقاومة في المناطق القريبة من غزة، تحسبا لأي طارئ.
وكان إسرائيليون قد نظموا خلال الأيام الماضية العديد من التظاهرات، أخرها مساء أول من أمس الخميس، في مناطق «غلاف غزة» للاحتجاج على استمرار سقوط «البالونات الحارقة».
وفي هذا السياق، أكدت إحصائية إسرائيلية اندلاع أكثر من ألف حريق في مناطق غلاف غزة منذ انطلاق «مسيرة العودة» ما أدى إلى اشتعال النيران في 30 ألف دونم من الحقول الزراعية والأحراش، مما تسبب في خسائر مالية كبيرة.
يشار إلى أن شبانا من غزة لجأوا إلى استخدام «الطائرات والبالونات الحارقة» مع انطلاق فعاليات «مسيرة العودة» يوم 30 مارس/ آذار الماضي، كشكل من أشكال المقاومة الشعبية، وتوعد هؤلاء الشبان الذين يطلقون على انفسهم «وحدة الطائرات والبالونات»، بتصعيد هجماتهم ردا على تشديد الحصار على غزة.
وفي السياق أكد خالد البطش، القيادي في حركة الجهاد الإسلامي، على استمرار فعاليات «مسيرة العودة»، لافتا إلى أن هذه الفعاليات تؤكد الحق الفلسطيني في العودة وإنهاء الحصار المفروض على القطاع، والوقوف في وجه مخططات «صفقة القرن».
وأكد بعد مرور 100 يوم على انطلاق هذه الفعاليات أنها تعد «سبيلا للوقوف في وجه كل المحاولات الساعية لتصفية القضية الفلسطينية»، مشيرا إلى أن الحل الوحيد للقضية الفلسطينية هو «تصعيد المسيرات والثبات على خيار المقاومة، للحفاظ على الثوابت ولحماية حقنا في فلسطين».
وكانت الهيئة الوطنية لمسيرة العودة وكسر الحصار، دعت لاستمرار المشاركة في هذه الفعاليات الشعبية، حتى تحقق أهدافها التي انطلقت من أجلها، وأعلنت رفضها كذلك لكل محاولات تصفيه القضية الفلسطينية، أو الالتفاف على حقنا في العودة إليها تحت أي عناوين أو مسميات.
وجددت التأكيد على «سلمية المسيرات»، الرافضة لمخططات «صفقة القرن». وأشادت بصمود سكان تجمع الخان الأحمر، مشيرة إلى أن تنظيم الفعالية باسمهم يأتي في سياق «وحدة الدم ووحدة الهدف ووحدة المسار والمصير».
ومنذ يوم 30 آذار/مارس الماضي انطلقت فعاليات «مسيرات العودة» في خمس مناطق حدودية تقع إلى الشرق من القطاع، حيث تقام هناك العديد من الفعاليات الشعبية، وتلجأ قوات الاحتلال بأوامر عليا من قيادة الجيش والحكومة، لاستخدام «القوة المفرطة والمميتة» ضدها.
ودفعت عمليات القتل واستهداف المتظاهرين المدنيين، جهات حقوقية دولية ومحلية إلى توجيه انتقادات حادة لإسرائيل، ونادت بفتح تحقيق عاجل في عمليات قتل الفلسطينيين.