تونس – رويترز: بعد فترة من الاستقرار النسبي، بدأ إنتاج النفط في ليبيا يتأرجح مجددا بفعل المواجهات في مرافئ التصدير الشرقية، واختطاف اثنين من العاملين في حقل الشرارة النفطي العملاق.
وأجبرت اشتباكات مسلحة، أعقبها صراع على النفوذ السياسي «المؤسسة الوطنية للنفط» إلى وقف التصدير من مرافئ رأس لانوف والسدرة والزويتينة والحريقة أواخر الشهر الماضي وأوائل الشهر الحالي، مما هدد باستمرار توقف إنتاج نحو 850 ألف برميل يوميا من النفط الخام.
وفُتحت المرافئ في 11 يوليو/تموز، واستأنفت الحقول النفطية في شرق البلاد عملياتها تدريجيا. وانتهى أيضا إغلاق طويل لحقل الفيل في جنوب غرب البلاد. لكن بعد ذلك بيومين، انخفض إنتاج حقل الشرارة القريب البالغة طاقته 300 ألف برميل يوميا بعد اختطاف اثنين من العاملين فيه.
وظل إنتاج ليبيا عند نحو مليون برميل يوميا لما يزيد على عام، ووصل إلى 1.28 مليون برميل يوميا في فبراير/شباط حيث كان معظم الإغلاقات يحل في غضون أيام أو أسابيع. لكن خطر المزيد من صدمات الإنتاج سيبقى ما بقيت ليبيا منقسمة سياسيا وعسكريا.
لدى ليبيا أكبر احتياطيات نفط مؤكدة في إفريقيا، وهي مورد مهم لإمدادات الخام الخفيف منخفض الكبريت المتجهة إلى أوروبا.
وفي 1970 تقريبا كانت ليبيا تنتج أكثر من ثلاثة ملايين برميل يوميا. وقبل الانتفاضة التي أدت إلى الإطاحة بمعمر القذافي ومقتله قبل سبع سنوات، كانت ليبيا تنتج أكثر من 1.6 مليون برميل يوميا.
وفي العام الماضي عرضت «المؤسسة الوطنية للنفط» خططا تهدف إلى زيادة الإنتاج إلى 2.2 مليون برميل يوميا بحلول 2023، لكنها قالت إن هذا يحتاج استثمارات بنحو 18 مليار دولار.
ولدى شركات نفط أجنبية من بينها «إيني» الإيطالية و»توتال» الفرنسية و»كونوكو فيليبس» و»هيس» الأمريكيتين حصص في الإنتاج عبر مشاريع مشتركة مع «المؤسسة الوطنية للنفط».
ومنذ انتفاضة 2011 تشهد البلاد انقساما في السلطة. وقد استخدمت مجموعات محلية منشآت النفط كأدوات مساومة من أجل الضغط لتحقيق مطالب مالية وسياسية.
وعطلت فصائل مسلحة في أنحاء البلاد الإنتاج في حقول وموانئ رئيسية. شمل ذلك إغلاقا دام طويلا لمرافئ في الهلال النفطي الواقع في شرق ليبيا خلال الفترة من 2013 إلى 2016. وأدت عمليات الإغلاق العشوائي لفترات طويلة إلى انخفاض الضغط في آبار النفط.
ومع انخفاض إيرادات ليبيا بسبب تعطيل الإنتاج وتدني أسعار الخام، زاد انتشار المطالبات بالرواتب والتنمية المحلية وفرص العمل، والتي تذكي عمليات الإغلاق.
وهاجم مقاتلو تنظيم «الدولة الإسلامية» حقول نفط وموانئ في 2015 و2016، قبل أن تتصدى لهم قوات محلية وتجبرهم على الانسحاب.
لكن لم يتم إصلاح الأضرار التي تسبب بها مقاتلو التنظيم لصهاريج التخزين في أكبر مينائين في ليبيا وهما السدرة ورأس لانوف. وتظل حقول من بينها المبروك والغاني مغلقة.
ويفرض شح التمويل ضغطا إضافيا على البنية التحتية القديمة، إضافة إلى الانقطاعات المتكررة للكهرباء.
من بين أسباب الإغلاقات احتجاجات اقتصادية من مجموعات محلية تضغط للحصول على المال أو إطلاق سراح محاربين مسجونين، وهو ما أثر على المرافئ والحقول الرئيسية وأجزاء من شبكة الأنابيب.
ومن المفترض أن يتولى حرس المنشآت النفطية حماية مرافق النفط، لكن تحركاتهم تحكمها المصالح والولاءات المحلية. وأغلق الحرس حقل الفيل النفطي، البالغة طاقته 70 ألف برميل يوميا، هذا العام لما يزيد على أربعة أشهر.
ومازال الوضع الأمني غير مستقر. فهناك متشددون من بينهم بعض المرتبطين بتنظيم «الدولة الإسلامية» في المناطق الصحراوية، ويشنون هجمات بالقرب من المنشآت أو الحقول في حوض سرت.
وترتبط المخاطر أيضا بالصراع الداخلي في ليبيا.
ففي منتصف الشهر الماضي جمع قائد سابق في حرس المنشآت النفطية قاد في وقت سابق إغلاقات مرافئ، معارضين للقائد العسكري المتمركز في شرق ليبيا خليفة خفتر، إضافة إلى بعض المرتزقة لمهاجمة مرفأي رأس لانوف والسدرة اللذين تسيطر عليهما قوات حفتر منذ 2016.
وبعد دحر الهجوم، قال حفتر وحلفاؤه أنهم سيسيطرون على معظم نفط ليبيا من خلال «المؤسسة الوطنية للنفط «الموازية في مدينة بنغازي في شرق البلاد، حيث يشكون من أن كثيرا من الإيرادات التي تتدفق من خلال البنك المركزي في طرابلس تتجه إلى خصومهم.
وحلت الأزمة عن طريق تعهد بالنظر في أوجه إنفاق البنك المركزي، وتهديد بفرض عقوبات على من يحاولون تجاوز الحكومة المعترف بها دوليا في طرابلس، لكن تلك الحكومة التي أعلنت عن انها ستقوم بتحقيق حول الإنفاق تفتقر إلى السلطة.
وفي تلك الأثناء، لا تحرز الجهود التي تقودها الأمم المتحدة لتوحيد فصائل الشرق والغرب تقدما يذكر، ومازالت خطط إجراء انتخابات هذا العام يكتنفها عدم اليقين.