بروكينغز: السعودية والإمارات عاجزتان في اليمن واستراتيجيتهما الكارثية خدمت إيران  

حجم الخط
2

“القدس العربي”:

 أكد الباحث دانيال بايمان في معهد “بروكينغز” أن السعودية والإمارات عاجزتان في اليمن بسبب استراتيجيتهما الكارثية هناك.

وقال في مقال نشره على موقع المعهد “إن السعودية بدأت حملتها الأخيرة في اليمن عام 2015؛ بهدف الإطاحة بالمتمردين الحوثيين، الذين تعدهم القيادة السعودية قريبين من إيران، وبدلا من محاولة الإمارات إقناع أصدقائها في الرياض، فإنها دخلت معهم في مستنقع اليمن؛ أملا بأن تهزم إيران”.

وأشار إلى أن السعودية والإمارات دعمتا الانقلاب العسكري في مصر، الذي جلب عبد الفتاح السيسي، وكانت النتيجة كارثية، الشيء نفسه في اليمن، حيث أدت الحرب فيه إلى تدهور الأوضاع الإنسانية يوما بعد يوم، وللإمارات والسعودية أيضا، حيث تحولت لكارثة أيضا لكل من الدولتين، خاصة أن إيران يتزايد تأثيرها على حسابهما.

السعودية لم تتعلم من الدروس السابقة

ويُذكرُ الكاتب بأن “السعودية تدخلت منذ بداية الدولة الحديثة ولعدة قرون في اليمن من فترة لأخرى، وسيطرت الإمامة الزيدية في اليمن على أجزاء من منطقة عسير في جنوب السعودية اليوم، وخاض البلدان حربا حدودية في عام 1934، واستمرت حرب الحدود طوال فترة التسعينيات، ولم يتم التوصل لاتفاق يرسم الحدود إلا في بداية عام 2000”.

  يشير إلى أن “بعيدا عن الخلافات الحدودية، فإن السعودية خشيت من وصول الفصيل الخطأ إلى صنعاء، ففي عام 1962، وعندما انزلق اليمن في الحرب الأهلية بين الإمامة والقوميين العرب من داخل الجيش اليمني، تدخلت السعودية إلى جانب الأردن وإيران، نيابة عن الإمامة، فيما تدخلت مصر نيابة عن القوميين العرب، معتمدين على الدعم السوفييتي، والدرس الذي لم يتعلمه الأجانب في المستقبل، أن التدخل غذى الحرب، لكنه ترك القوى الخارجية متعبة، وفي عام 1970 وضع اتفاق القوميين العرب في قيادة البلد، فيما حصلت الإمامة على عدد من المواقع البارزة وحصة من الرعاية”.

 صالح والرقص على رؤوس الأفاعي

ويلفت الباحث إلى أنه “في عام 1990 اندمج الجنوب والشمال، وأثبت الرجل القوي علي عبدالله صالح مهارة في مواجهة التحديات، ووصف حكمه بأنه مثل الرقص على رؤوس الأفاعي، لكن اليمن بقي ضعيفا، ولم يتم دمج الجنوب في اليمن بشكل كامل، وزاد الفقر والغضب ضد صالح”.

ويفيد الكاتب بأن “السعودية تدخلت خلال هذه السنوات من وقت لآخر في اليمن، محاولة شراء القيادات المحلية، ووقف الإرهابيين المرتبطين بتنظيم القاعدة، وإضعاف الماركسيين في الجنوب، وتقويض سلطة الحكومة في صنعاء، خاصة عندما تتصرف بطريقة تخالف رغبات الرياض ومطالبها، وعلى ما يبدو فإن السياسة اليمنية ظلت تمثل تحديا للعائلة المالكة في السعودية، ولهذا قامت، ولتغيير البلاد من القاع للقمة، بتشجيع انتشار السلفية في اليمن، وقامت بتمويل المدارس والمساجد، ونشر التفسير الديني المعادي للشيعة، ورغم نجاح السعودية في كسب قيادة يمنية أو قتلها، إلا أن الغالبية العظمى من اليمنيين ظلوا وطنيين يشكون في الرياض، وكانوا سعيدين بتلقي المال السعودي، لكنهم لم ينفذوا طموحاتها”.

صعود الحوثيين والدور السعودي

 ويلفت الباحث إلى أن “مظاهر عدم الاستقرار اشتدت في السنوات الأولى من القرن الحالي، عندما شكل الحوثيون من قاعدتهم في صعدة مشكلة حقيقية، وعبر الحوثيون عن حنقهم من طريقة معاملة صنعاء لهم، وعدم حصولهم على المنافع التي تقدمها الدولة، وقاتلوا لسنوات من أجل الحصول على مغانم الدولة، بدلا من الانفصال أو التمرد ضد صالح، لكنهم أصبحوا أكثر راديكالية عندما اكتشفوا أن سنوات المفاوضات والثورة في عام 2011 لن تعيد تشكيل السلطة في اليمن كما كانوا يأملون، وشعروا بالغضب من الرسالة السلفية المعادية للشيعة”.

ويذكر الباحث بأن “الجولة الأخيرة من التدخل السعودي كانت في عام 2015، حيث أجبرت الثورة اليمنية عام 2011 صالح على التنحي من السلطة، وتسليمها لنائبه عبد ربه منصور هادي، ومع تواصل التهديد الذي يمثله تنظيم القاعدة، واستمرار المشاعر الانفصالية، حاول صالح التأثير على حكومة هادي؛ كطريقة للسيطرة وعائلته على الحكم من جديد، وهو ما أضعف الاقتصاد والحكومة اليمنية، رغم النوايا الدولية الحسنة تجاهها”.

 ولفت إلى أن “الحوثيين انتهزوا الفوضى، واحتلوا صنعاء وأجزاء كبيرة من اليمن في عامي 2014 و2015، وهرب هادي إلى عدن في الجنوب ومن ثم إلى السعودية، وكان صالح انتهازيا، حيث اصطف والقوات الموالية له مع الحوثيين رغم قتاله لهم أكثر من مرة عندما كان في السلطة، وفي تلك الفترة كانت علاقة الحوثيين محدودة مع إيران، وإن كانت حقيقية، بشكل أثار مخاوف أبو ظبي والرياض، اللتين شاهدتا طهران في حالة صعود، ليس في اليمن فحسب، لكن في العراق ولبنان وسوريا أيضا، وتوسعت سلطة الحوثيين قريبا من الحدود اليمنية السعودية، التي فسرتها الرياض على أنها وجود إيراني على حدودها”.

 ويشير الكاتب إلى أن “الإمارات والسعودية أعلنتا عن التدخل لإعادة هادي، وانضمت إليهما البحرين ومصر والكويت والأردن والسودان والمغرب، التي كان دافعها نوع من الشعور بالواجب، لا القلق من دور الحوثيين في اليمن، فيما فتحت جيبوتي وإرتيريا والصومال أجواءها وموانئها للتحالف، وكانت قطر عضوا رمزيا في التحالف حتى توترت علاقات الدوحة مع الإمارات والسعودية، ما أدى إلى دعوتها لترك التحالف”.

ويلفت إلى أنه “بالإضافة إلى الجنود السعوديين والإماراتيين، فإن أبو ظبي دفعت رواتب للمرتزقة من كولومبيا، وجندت السعودية الآلاف من السودانيين، فيما زعمت الأمم المتحدة أن إريتريا نشرت قواتها في الحرب، وتستخدم الطائرات الإماراتية مطار مصوع للقيام ببعض العمليات، ودعمت الولايات المتحدة، وبشكل هادئ، هذا التدخل، من خلال إعادة تزويد الطائرات بالوقود، وتوفير الذخيرة”.

السعودية والإمارات اعتقدتا أن العملية لن تحتاج إلا أسابيع

 ويقول الباحث إن “الإمارات والسعودية اعتقدتا أن هذه العملية لن تحتاج إلا لعدة أسابيع، حيث حققت القوات الموالية لهما تقدما، واستعادت عدن في الجنوب، ودعمت الرياض عددا من القبائل والفصائل العسكرية، وعملت مع حزب الإصلاح، وهو أهم حزب إسلامي يمني له ارتباطات مع الإخوان المسلمين، إلا أن الإمارات تبغض الإخوان، وعملت على تقويض سلطتهم في مصر وليبيا ومناطق أخرى، ودعمت الحراك الجنوبي والجماعات السلفية، التي لا تثق بحزب الإصلاح، وتنظر إلى الحوثيين على أنهم مرتدون”.

 و يشير إلى أن “التقدم توقف، وحاولت القوات المدعومة من السعوديين والإماراتيين التحرك نحو المناطق القريبة من تلك التي يسيطر عليها الحوثيون، وبدا النصر السريع، مثل بقية الآمال السعودية في اليمن، وهما، وبعد أكثر من 3 أعوام شنت السعودية أكثر من 100 ألف طلعة، وأنفقت المليارات على الجهود الحربية في الشهر، وأدت الغارات الجوية إلى تدمير معظم اليمن، وقتل آلاف المدنيين، ورغم هذا كله صمد الحوثيون، وفي الوقت ذاته غيرت الفصائل ولاءاتها، وغير صالح معطفه، ووافق في عام 2017  على العمل مع السعوديين، وقتله الحوثيون قبل أن تتحقق مكاسب من هذا التغيير، وهناك بعض القوى العاملة معه تعمل الآن مع القوات التي تشرف عليها الإمارات”.

انقسام على انقسام

 ويلفت الكاتب إلى أن “القوات المعادية للحوثيين منقسمة على نفسها، ففي عدن هاجمت قوى مؤيدة للإمارات قوى موالية لهادي تدعمها السعودية؛ وذلك بسبب خلافات حول المنشآت والقواعد، ويعد الإماراتيون هادي عاجزا، فيما عبر السعوديون عن استعداد للعمل مع الإصلاح، الذي قام بدوره بإبعاد نفسه عن الإخوان؛ لإرضاء الإمارات والسعودية، ولأسباب واضحة تركز السعودية على أمن الحدود أكثر مما تفعل الإمارات”.

 ويرى الباحث أنه “مع أن السعودية تعد من الناحية التاريخية الجهة التي تدخلت كثيرا في اليمن، وعادة ما يشار إلى التحالف بالذي تقوده السعودية، إلا أن الإمارات تؤدي دورا قياديا، وتم نشر أكثر من ألف جندي إماراتي، معظمهم في الجنوب، ودربت آلافا من اليمنيين، معظمهم من الحراك الجنوبي، الذين يريدون انتهاز الفرصة وإنهاء التسيد الشمالي، فيما تقود السعودية العمليات الجوية، وتوفر الأموال، لكن وجودها على الأرض لا يتناسب مع الوجود الإماراتي، وفي اليمن تعتمد الإمارات على الخبرة التي حصلت عليها أثناء العمل مع قوات الناتو في أفغانستان، وليس غريبا أن تخسر أكثر من 100 جندي”.

 حسابات الإمارات

 يشير الباحث إلى أن “الإمارات تقود اليوم حملة لاستعادة ميناء الحديدة، وهو الشريان الحيوي لمرور المواد الإنسانية، التي تنقل إلى المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، وجهزت الإمارات قوات من 25 ألف جندي وعربات ثقيلة، ووفرت لهم الغطاء لمواجهة بضعة آلاف مقاتل حوثي، معظمهم من المجندين الجدد، وضمت القوات التي تشرف عليها الإمارات لقوات كانت تقاتل في الماضي مع صالح، التي يقودها ابن شقيق صالح، طارق، الذي يعتقد أن الريح تهب الآن من أبو ظبي والرياض، ومع أن القوات الإماراتية أفضل مما كانت عليه في عام 2015، إلا أن معارك المدن هي في مصلحة المدافعين عن المدينة، وربما دربت القوات الإيرانية وحزب الله على طريقة استغلال المناطق الجبلية التابعة لهم، ولا يعد ميناء الحديدة الممر المائي الوحيد المتوفر للحوثيين، خاصة أن التهريب يعد تقليدا يفاخر به اليمنيون، وفي أي حال فستكون لدى الحوثيين الطرق للحصول على السلاح، كما يملك الحوثيون الصواريخ الباليستية التي سيستخدمونها لمضايقة السعودية”.

التحالف لن يستطيع تحقيق نصر واضح

 ويؤكد الكاتب أن “التحالف السعودي لن يستطيع تحقيق نصر واضح، فرغم تفوق القوات التي تدعمها الإمارات عددا وعتادا ومالا، بشكل يجعل من السيطرة على الحديدة امرا محتوما، إلا أن الحوثيين يسيطرون على مناطق واسعة في شمال اليمن، حيث تعيش غالبية اليمنيين، وحتى لو خسروا صنعاء وبقية المدن الكبرى فستكون لديهم القدرة على شن حروب عصابات، وسيحتفظون بعشرات الآلاف من المقاتلين تحت إمرتهم لدعم مطالبهم”.

و يشدد الباحث  أنه “حتى لو أبعدنا العامل الحوثي، فليس من الواضح الطريقة التي يمكن من خلالها تحقيق تسوية ترضي طموحات الجماعات المتعددة التي جمعها الإماراتيون والسعوديون، ولو تجاهلنا الكارثة في اليمن فإن التدخل السعودي والإماراتي قد فشل، وأصبح البلدان في مستنقع اليمن، فهادي ليس في السلطة، ويقاتل أفراد التحالف بعضه الآخر، وأصبح تنظيم القاعدة أقوى، واليمن أقل استقرارا مما كان عليه، بالإضافة لكون إيران قوية من منظور السعودية والإمارات، ورغم ان الحوثيين ليسوا دمى إيرانية، لكنهم يعملون معها بسبب الحاجة، وبهذه الطريقة يزداد نفوذها، ولدى طهران اليوم حليف يمكنه تهديد السعودية والملاحة في البحر الأحمر”.

 و يؤكد أن “الحرب الأهلية في اليمن قد فاقمت الفقر والجوع، ودفعت البلد إلى حافة الانهيار، وقتل فيها 10 آلاف شخص، نصفهم من المدنيين، لكن هذا يبدو ضئيلا مقارنة مع العدد الأكبر من المصائب الأخرى التي أنتجتها الحرب: المجاعات والأمراض، فقد مات أكثر من 50 ألف طفل يمني عام 2017  ومئات الآلاف من الأطفال يعانون من سوء التغذية الحاد، ونزح حوالي 3 ملايين يمني، وبحسب الأمم المتحدة، فإن نسبة 75% من سكان اليمن البالغ عددهم 22 مليون نسمة بحاجة لمساعدة من نوع ما، وهناك 11 مليون مصنفون على أنهم بحاجة لمساعدة عاجلة، وعانت البلاد من أسوأ كارثة كوليرا يشهدها العالم منذ الحرب العالمية الثانية، وعاد تنظيم القاعدة وأصبح أكثر قوة”.

ويختتم الباحث بالقول إن السعودية والإمارات عاجزتان وإن نهاية الحرب ستكون أمرا جيدا لهما ولليمن.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول Farid:

    خطأ التحالف انه لم يجندون نصف مليون يمني من الحديدة واب وتعز والجنوب لو هذا العدد موجود كاملا في الجبهة كان اجتاح صنعا والحديدة وصعدة وكان تخلصوا من الحوثيون خلال شهرين فقط . ولاكن إهمال دول التحالف بعدم تجنيد اليمنين إلا قلة قليلة لذلك تأخر الحسم . تصوروا جبهة نهم القريبة من صنعا عدد جنود الشرعية 25 الف مقاتل بالله عليكم كيف هولا القلة أالقليلة يستطيعون ان يحرروا صنعا وعدد سكانها 3 ملايين .

  2. يقول حمدان العربي .الجزائر:

    من المؤسف ، قد تكون هذه هي الحقيقة…

إشترك في قائمتنا البريدية