عمان – أ ف ب: تم إجلاء المئات من عناصر «الخوذ البيضاء» السوريين، الدفاع المدني في مناطق سيطرة الفصائل السورية المعارضة، إلى الأردن عن طريق إسرائيل، لاعادة توطينهم في ثلاث دول غربية هي بريطانيا والمانيا وكندا.
وتأتي عملية الإجلاء في وقت يوشك نظام الرئيس بشار الأسد على بسط سيطرته الكاملة على جنوب سوريا بمساندة حليفه الروسي في هذه المناطق التي كانت حتى وقت قريب تحت سيطرة المعارضة السورية، وبينها المنطقة المحاذية للجزء المحتل من إسرائيل من هضبة الجولان السوري.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأردنية محمد الكايد في بيان «أذنت الحكومة للأمم المتحدة بتنظيم مرور حوالي 800 مواطن سوري عبر الأردن لتوطينهم في دول غربية (…) هي بريطانيا وألمانيا وكندا».
وكانت إذاعة الجيش الإسرائيلي قالت صباح السبت إنه تم إجلاء 800 شخص هم عناصر من «الخوذ البيضاء» وأفراد عائلاتهم إلى إسرائيل ونُقلوا بعدها إلى الأردن، من دون أن تحدد متى حصلت العملية.
وقال متحدث باسم الجيش الإسرائيلي جوناثان كونريكوس ردا على سؤال لوكالة فرانس برس «ما يمكنني أن أؤكده هو أننا سهلنا إنقاذ 800 سوري ينتمون إلى منظمة مدنية».
لأسباب إنسانية
وقال المتحدث باسم الخارجية الأردنية إن الدول الغربية الثلاث «قدمت تعهدا خطيا ملزما قانونيا بإعادة توطينهم خلال فترة زمنية محددة بسبب وجود خطر على حياتهم»، مؤكدا أنه «تمت الموافقة على الطلب لأسباب إنسانية بحتة».
وأكد أن «تنظيم عملية مرور المواطنين السوريين يتم بإدارة الأمم المتحدة، ولا يرتب أي التزامات على الأردن».
وأوضح أن «هؤلاء المواطنين السوريين سيبقون في منطقة محددة مغلقة خلال فترة مرورهم التي التزمت الدول الغربية الثلاث على أن سقفها ثلاثة أشهر».
وأشار الكايد إلى أن هؤلاء «كانوا يعملون في الدفاع المدني في المناطق التي كانت تسيطر عليها المعارضة، وفروا بعد هجوم الجيش السوري في تلك المناطق».
وأكد رئيس «الخوذ البيضاء» رائد صلاح ردا على اسئلة صحافية إنه «تم إجلاء عدد من المتطوعين مع عائلاتهم لظروف إنسانية بحتة، ولأنهم كانوا محاصرين في منطقة خطرة في جنوب سوريا»، مشيرا إلى أنهم «وصلوا إلى الأردن».
وأوضح أن «المتطوعين كانوا محاصرين في محافظتي درعا والقنيطرة»، وأنهم كانوا في «خطر بسبب التهديدات المتتالية الموجهة لهم من روسيا والنظام في كل المحافل الدولية»، على حد قوله.
ويبلغ عدد عناصر «الخوذ البيضاء» نحو 3700 متطوع، وتعرّف عليهم العالم بعدما تصدّرت صورهم وسائل الإعلام وهم يبحثون بين الأنقاض عن أشخاص عالقين تحت ركام الأبنية أو يحملون أطفالا مخضبين بالدماء إلى المشافي.
وتشدد المنظمة على أن أفرادها «مستقلون» وتلقت مساعدات وتدريبا من دول غربية، لكن النظام يتهمها بأنها مع الجهاديين في سوريا و»أداة» في أيدي الحكومات التي تدعمها.
وقال الجيش الإسرائيلي إن «إسرائيل تحافظ على سياستها بعدم التدخل في النزاع السوري ولا تزال تعتبر النظام السوري مسؤولا عن كل الأعمال التي تحصل على الأراضي السورية»، مشددا على أن العملية «لا تمثل تغييراً في سياسة إسرائيل التي ترفض استقبال اللاجئين السوريين على أراضيها»، بل هي «خطوة إنسانية استثنائية».
وتقدم إسرائيل مساعدات غذائية وطبية للاجئين مدنيين في جزء من هضبة الجولان التي تسيطر عليه سوريا بعد هروبهم من المعارك في جنوب البلاد.
وظهرت مجموعة «الخوذ البيضاء» في عام 2013، عندما كان الصراع السوري يقترب من عامه الثالث. ومنذ تأسيسها، قتل أكثر من 200 متطوع في صفوفها وأصيب 500 آخرون.
بحثا عن الأمان
في لندن أصدر وزير الخارجية البريطاني جيريمي هنت بيانا قال فيه «بعد جهد دبلوماسي مشترك بين المملكة المتحدة وشركاء دوليين، تمكنت مجموعة من المتطوعين من الخوذ البيضاء من مغادرة جنوب سوريا مع عائلاتهم بحثا عن الأمان».
وأوضح «إنهم يتلقون حاليا المساعدة من المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للامم المتحدة في الأردن في انتظار إعادة توطينهم».
وأشاد «بالعمل الشجاع والنكراني الذي قام به متطوعو الخوذ البيض لإنقاذ حياة السوريين من جميع أطراف النزاع».
في برلين، اكد مصدر دبلوماسي ألماني ان «ألمانيا ستشارك مع العديد من الشركاء الدوليين في استقبال عناصر الخوذ البيضاء الذين تم إجلاؤهم»، مشيرا إلى أن المانيا ساهمت بما مجموعه 12 مليون يورو لمساعدة المنظمة منذ عام 2016.
في أوتاوا قالت وزيرة الخارجية الكندية كريستيا فريلاند «إن كندا وبالتعاون الوثيق مع المملكة المتحدة وألمانيا تقود جهودًا دولية لضمان سلامة الخوذ البيضاء وأسرهم».
وأوضحت أن «كندا شريك رئيسي للخوذ البيضاء وتفخر بتقديمها التمويل اللازم لدعم التدريب في حالات الطوارئ».
وشنت قوات النظام السوري المدعومة من روسيا في 19 حزيران/يونيو حملة لاستعادة المناطق الجنوبية المجاورة للأردن ومرتفعات الجولان التي تحتلها إسرائيل. وتمكنت بعد أسابيع من القصف والعمليات العسكرية من استعادة الجزء الأكبر منها، بعد اتفاقات تسوية مع الفصائل المعارضة بوساطة روسية.
وتنص هذه الاتفاقات على تسليم المعارضين أسلحتهم الثقيلة ونقل الذين منهم لا يوافقون على دخول قوات النظام إلى مناطقهم، إلى شمال البلاد.