الناصرة – «القدس العربي»: حمل وزيران إسرائيليان سابقان على قانون القومية، واعتبرا أن نواياه أسود من السواد وأنه صفعة في وجه «المواطنين الدروز» ممن نستهم إسرائيل وألقت بهم تحت عجلة الحافلة رغم خدماتهم العسكرية لإسرائيل.
ويستذكر موشيه أرنس في مقال نشرته «هآرتس»، أن ثلاثة نواب دروز، أكرم حسون (حزب «كلنا») وحمد عمار ( حزب «يسرائيل بيتنا») وصالح سعد (حزب «المعسكر الصهيوني») قد التمسوا إلى المحكمة العليا ضد قانون القومية لأنه غير دستوري. ويقول إنه لا شك أنهم يحظون بدعم كل «الجمهور الدرزي» وكذلك بدعم جميع المواطنين اليهود الذين لم ينسوا ولا يستطيعون نسيان أواصر «الأخوة والصداقة» التي نشأت بين المواطنين الدروز وبين إسرائيل.
وفي معرض التعبير عن تحفظه على القانون بصيغته المصادق عليها، يوضح أن الدروز لطالما تساءلوا بشكل دائم عما يمكنهم فعله من أجل إسرائيل، وليس ما يمكن أن تفعله الدولة اليهودية من أجلهم. ويضيف «ربما يعترف قضاة المحكمة العليا بعدم عدالة قانون القومية بشأن الدروز مواطني إسرائيل. ومع ذلك، فإن الاعتذار عن هذا الظلم يجب أن يأتي في النهاية من البرلمان الذي ارتكب الخطأ ويجب عليه التكفير عنه».
وبعد الادعاء بأن هناك قوانين تهتم بدمج فلسطينيي الداخل في الحياة الاقتصادية- الاجتماعية في اسرائيل تساءل ايضا ماذا عن المجتمع الدرزي؟ … كيف يحميه القانون؟… يبدو أنه تم إلقاؤه تحت عجلات الحافلة هل تم نسيانهم؟… وهل تم التخلي عنهم؟
ويشير الى انه ليست هناك حاجة لتذكير الإسرائيليين بالعقود التي خدم خلالها الدروز إسرائيل، وان أبناءهم يخدمون جنباً إلى جنب مع الجنود اليهود في جميع قوات الجيش الإسرائيلي، ووصل ضباط الدروز إلى أعلى الرتب العسكرية وسقطوا في المعارك إلى جانب إخوانهم اليهود».
ويتابع «أي شخص يبحث عن إشارة إلى الدروز بين البنود الكثيرة في قانون القومية سوف يفشل. هل نسيناهم؟… لقد خدم الدروز الإسرائيليون بإخلاص إسرائيل بمعرفة واضحة بأن إسرائيل هي دولة يهودية. لا حاجة لتذكيرهم بذلك. ولكن إذا تم تفسير القانون من قبل البعض على أنه صفعة في وجوههم، سنكون قد سببنا لأنفسنا ضررًا في تشريع. إن الضرر الذي يلحق بمكانة اللغة العربية ليس مجرد صفعة في وجه العرب الإسرائيليين فحسب، بل أيضاً في وجه الدروز، الذين لغتهم الأم هي العربية».
فرق تسد
كما كان متوقعا ممن عمل طيلة عقود في تطبيق سياسة «فرق تسد» يتجاهل ارنس واقع فلسطينيي الداخل، ويقول إن عطلة الكنيست هي فرصة جيدة لمناقشة القضية وصياغة مرجعية مناسبة تعترف صراحة بالمكانة المحترمة لـ «المجتمع الدرزي» في دولة إسرائيل. وهذا أيضًا هو أفضل سبب لدفع هذه المشكلة في أسرع وقت ممكن. لديّ أصدقاء مقربون من الطائفة الدرزية في إسرائيل. ولهذا السبب شعرت بألم كبير لرؤية كيف تم نسيان هذا المجتمع الرائع، الذي ربط مصيره بمصير إسرائيل منذ نشأتها. أشعر بالحاجة إلى الاعتذار شخصيا عن الخطأ الذي ارتكب ولدعوة زملائي في الليكود لتصحيح الوضع. لم يفت الأوان بعد».
ويعتبر الوزير السابق عوزي برعام (حكومات حزب العمل سابقا) أن نوايا قانون القومية أسود من السواد. وقال إن الجمعية العامة للأمم المتحدة أقرت في 1975، بأن «الصهيونية شكل من أشكال التمييز العنصري» وقد هاجت إسرائيل وماجت، فيما فرح كثيرون بالتحالف غير المقدس الذي نشأ بين الدول النامية ضدنا. وقام سفير إسرائيل في الأمم المتحدة آنذاك، حاييم هرتسوغ، بتمزيق القرار من على منبر الأمم المتحدة.
ويقول إنه في حينه تجندت معظم الأحزاب في الكنيست للحملة لإلغاء القرار في برلمانات الدول التي تبنته، فيما سافر هو إلى البرازيل في الثمانينيات من القرن الماضي لمحاولة إقناع أعضاء برلمانها بعدم عدالة القرار. وأضاف «أوضحت لهم أن إسرائيل هي دولة ديمقراطية، يحدد إعلان استقلالها المساواة بين مواطنيها كقيمة تأسيسية. وفي الليلة نفسها، صوت البرلمان على إلغاء القرار التمييزي». ويوضح انه بعدما أقر الكنيست قانون القومية، مسترشداً بروح عنصرية متطرفة، تستبعد الآخرين أعرف أنه ما كان له أن يتجرأ على المثول أمام البرلمان البرازيلي في محاولة للدفاع عن هذا التفسير المتجدد الممنوح للصهيونية.
وتابع «من المؤسف جدا أن أعضاء الكنيست الذين عارضوا القانون لم يتصرفوا مثل هرتسوغ ولم يمزقوا نص القرار، وتركوا هذه المهمة لأعضاء الكنيست العرب. هذا بالضبط ما أراده بنيامين نتنياهو. نتنياهو يريد إخفاء المعارضة الشديدة للقانون من قبل أشخاص مثل موشيه أرنس وبيني بيغن والبروفيسور يديديا شتيرن، إنه لا يريد لليهود، وخاصة من اليمين والمركز، تمزيق نص القانون، لأن النضال ضد الجبهة العربية أكثر ملاءمة له بصفته أكبر محرض – أكثر من أي رئيس وزراء سابق – ضد المواطنين العرب في إسرائيل».
التمييز والاستبعاد
ويدحض برعام مزاعم بعض الأوساط بأن القانون ليس أكثر من إعلان نوايا بدون قوة فاعلة، وأن المواد المهمة تم تخفيفها في النسخة النهائية، مؤكدا ان أولئك الذين يزعمون ذلك لا يرون الدافع الأسود وراء هذا القانون وقوانين أخرى مماثلة. مشددا على ان القانون، الذي لا يذكر مصطلحات الديمقراطية والمساواة ويهين اللغة العربية عمدا، يهدف إلى إضفاء الشرعية على التمييز والاستبعاد. مدعيا انه لم يكن هذا القانون سيولد في أيام الرئيس جورج بوش، الأب والابن، وليس في أيام بيل كلينتون وباراك أوباما، لأن التقارب بين إسرائيل والولايات المتحدة كان قائماً على قيم مشتركة. ويقول إن الظلام الذي خيم على الولايات المتحدة هو حقيقة قائمة لأن إدارة ترامب لا تولي أي قيمة لحقوق الإنسان والقيم العالمية التي وجهت الولايات المتحدة في العقود الأخيرة. ولذا يقول إنه من هناك لن نسمع أي نقد للقوانين التي تسنها الكنيست.
أوروبا الشرقية
لافتا الى ان هذا هو السبب في أن نتنياهو يحول محور أوروبا الشرقية إلى حلقة مهمة في سياسته الخارجية، ويقول إنه في البلدان التي ترفع فيها القومية القديمة رأسها، ويحظى ترامب بشعبية أكبر منها في أوروبا الغربية، سيتم قبول قانون القومية بتفهم، مثل بقية محاولات الحكومة اجتثاث قوة وسائل الإعلام والنظام القضائي. ويرى ان قانون القومية وغيره من القوانين الشريرة يرمي لتحقيق هدفين اولهما حماية الاحتلال من الانتقاد، بما في ذلك من قبل النظام القضائي، وحماية أكبر قدر ممكن من فساد الشخصيات العامة. ويخلص للقول «لذلك، لن يكون من الصواب فحص كل قانون في حد ذاته. الاتجاه والدافع مهمان، وهما خطران. عندما نحارب القوانين الجديدة، يجب أن ننظر إلى النوايا – وهي أسود من السواد.
الاتحاد الأوروبي
وبهذا السياق كشف مصدر دبلوماسي في الاتحاد الأوروبي ان رئيس لجنة حقوق الإنسان في البرلمان الأوروبي، انطونيو بنازيري، كان قد توجه في آذار/ مارس الماضي الى وزيرة الخارجية الأوروبية، فيدريكا موغيريني، محذرًا من تشريع قانون القومية اليهودية في اسرائيل، وذلك في أعقاب اجتماعه مع وفد القائمة المشتركة ومركز مساواة، وبعد الاستماع الى مرافعة النائب د. يوسف جبارين (الجبهة، القائمة المشتركة) أمام لجنة حقوق الأنسان في بداية هذا العام .وقال النائب جبارين ان رسالة بنازيري شملت تطرقًا واضحًا الى ان الاتحاد الأوروبي يملك الوسائل التي يستطيع من خلالها التأثير على القيادة الاسرائيلية لتغيير سياساتها، وذلك إضافة الى العمل الدبلوماسي والبرلماني الذي يقوم به السفير الأوروبي في اسرائيل. وحذّر رئيس لجنة حقوق الإنسان من المسّ بحقوق ومكانة المواطنين العرب في اسرائيل من خلال تشريع قانون القومية اليهودية، معتمدًا على الحقائق التي عرضها جبارين امام اللجنة الاوروبية، وخاصة بكل ما يتعلق بالبند الذي يسمح بإقامة بلدات لليهود فقط والبند الذي يمس بمكانة اللغة العربية، بالإضافة الى تغييب اي ذكر للمساواة او الديمقراطية.
يشار أن وفدا سياسيا تمثيليا من فلسطينيي الداخل سيلتقي قادة الاتحاد الأوروبي بعد شهر لطرح موضوع قانون القومية.
وديع عواودة: