معايير التجسس الامريكية المزدوجة

حجم الخط
0

‘حينما أصاب نبأ أن الامريكيين يتنصتون على عشرات زعماء الدول الغربية من أفاضل اصدقائهم، العالم الغربي بالدهشة، وقالت متحدثة وزارة الخارجية: ‘سنفحص عن ذلك من وجهة نظر اصدقائنا وشركائنا في العالم’، تذكرت جملة بيل كلينتون المعوجة التي قال فيها: ‘لم تكن لي علاقة جنسية بتلك المرأة الآنسة ليفينسكي’. لأن للامريكيين سبلا خاصة بهم لعرض أفعال ممنوعة غير اخلاقية حينما يفعلونها هم.
‘الاصدقاء الآن غاضبون، فمستشارة المانيا انجيلا ميركل توبخ اوباما وتقول إن ‘الثقة بين الدولتين تم الاضرار بها ضررا شديدا’. ويقول اوباما إنه لم يعلم شيئا ولا نصف شيء عن التنصت السري لوكالة الامن القومي التي يتولى المسؤولية عنها بصورة مباشرة. وحينما يتبين أنه ربما اطلع على الامر في 2010 سيضطر الى أن يتصل مرة اخرى بميركل وأن يقول المعذرة، لم أعلم أنني علمت. وليس رئيس فرنسا، فرانسوا هولاند، ايضا راضيا حقا، وهو يدعو دولا اوروبية اخرى الى الانضمام الى اتفاق عدم التجسس الذي تطلبه برلين وباريس من الولايات المتحدة، ونقول باختصار إن امريكا فشلت.
وعلى هذه الخلفية من المهم أن نفحص عن كل كلمة تقولها المتحدثة الرسمية، جان باسكي: ‘ستستمر الولايات المتحدة في جمع المعلومات المطلوبة لها للحفاظ على أمننا وأمن حلفائنا…’. والامريكيون يفحصون الاضرار، ويوجه اوباما الى ‘الفحص من جديد’ عن خطط المراقبة وتعد ليسا مونكو، مستشارته للامن القومي ومكافحة الارهاب، العالم الديمقراطي بقولها: ‘نحن نجمع معلومات فقط لأننا نحتاج اليها لا لأننا قادرون’.
‘يا تل ابيب هل فهمت هذا؟ إن امريكا تعترف بأن التجسس بين الاصدقاء مباح حينما تحتاج اليه، بحسب معاييرها. وبأنها ستستمر في ذلك.
وعليها، وقد اعترفت بذلك، أن تفرج الآن عن جونثان بولارد الذي نقل حينما كان ما يزال من العاملين في وكالة الاستخبارات المركزية، معلومات الى دولة صديقة جدا للولايات المتحدة هي اسرائيل لا لأنه كان قادرا، بل لأنه فهم أنه يُحتاج الى ذلك. وقد استُعملت تلك المعلومات في جملة ما استُعملت له، لاستعداد لتجنب سلاح ابادة جماعية للبلدان العربية وعمليات كقصف قيادات منظمة التحرير الفلسطينية في تونس في الاول من تشرين الاول/اكتوبر 1985 ردا على سلسلة عمليات نفذتها المنظمة.
‘واعترف بولارد وحُكم عليه بالتجسس لدولة صديقة، من دون نية إحداث ضرر بالولايات المتحدة. وفي الرابع من آذار/مارس 1987 حكمت عليه المحكمة بالسجن المؤبد مع توصية بعدم الافراج عنه الى الأبد (!). وكانت أثقل عقوبة على تجسس لدولة صديقة فُرضت في الولايات المتحدة حتى ذلك الحين، 14 سنة سجن.
وزعم بولارد على الدوام أنه عمل للحاجة الى حماية دولة اسرائيل، بعد أن تبين له أن جهات في جهاز الامن القومي في الولايات المتحدة تُعرض حياة اسرائيليين للخطر، بمنعها عمدا بعض المعلومات التي يجب أن تحصل عليها اسرائيل، بحسب مذكرة تفاهمات من سنة 1983. وصادق لورنس كورب، وهو نائب وزير الدفاع في فترة المحاكمة، في زيارته للبلاد قبل بضعة أشهر، على أن المعلومات التي نقلت في حينه تناولت الأخطار على اسرائيل من الدول العربية، وبيّن أن بولارد لم يُتهم قط بالخيانة، وأكد أن العقوبة التي فُرضت عليه كانت مفرطة.
يجب أن تطلب اسرائيل اليوم من صديقتها الامريكية اصلاح علاقتها المسيئة الى بولارد والافراج عنه فورا. يكفي معايير مزدوجة. ويجب على اوباما الذي يهتدي بالنزاهة باسم بلده أن يعتذر الى بولارد الذي تصرف بحسب المعايير التي تُجيز ‘التجسس بين الاصدقاء’ حينما يُحتاج اليه وأن يمنحه حريته فورا.

سمدار بات أدام
اسرائيل اليوم 29/10/2013

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية