الأردن والنظام السوري: العسكري مع «التطبيع السريع» و«السياسي» متحفظ

حجم الخط
1

عمان ـ «القدس العربي» ـ بسام البدارين: عند المسألة السياسية تحديدا لا ترى الحكومة الأردنية القافزة للتو بثقة البرلمان أنها على استعداد لأي مزاحمة في هذا الملف المعقد.
«الاتصالات مع النظام السوري قائمة لكنها ليست حيوية» هذا ما يقوله رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز وهو يحاول شرح سبب زيارته الشهيرة لشمالي المملكة وإشرافه شخصيا على عمليات الإغاثة التي طالت نزوح نحو نصف مليون سوري.
تقديرات غرفة القرار الأردني كانت من البداية ان مبررات النزوح السوري كانت اقتصادية أو وهمية، الأمر الذي تطلب الحفاظ على سياسة الباب المغلق معه، وهو ما لفت نظر دمشق في الأثناء حيث تختفي تحت وطأة الضغط الاقتصادي أي محاولة أردنية للمتاجرة بمسألة اللجوء.
لذلك ما يرد من أقرب الأوساط للرزاز نجل المناضل القومي المعروف منيف الرزاز، يفيد ان حكومته لن تناكف ولن تشاغب كثيرا عندما يتعلق الأمر بملف الحدود مع سوريا ولن تحاول ترسيم أي استراتيجية خاصة والأهم ستترك الملف لأصحاب الاختصاص الذين يديرونه بكفاءة حتى اللحظة في المؤسسة العسكرية. سبق لقائد الأركان الأردني الجنرال محمود فريحات ان لاحظ ان المؤسسة السياسية – ويقصد الحكومة السابقة على الأقل- لا تسير مع المؤسسة العسكرية في مسألة إزالة الاحتقان والتعاون مع الجانب السوري.
أغلب التقدير ان الرزاز سمع من فريحات الملاحظات مباشرة في هذا الصدد وترك لاحقا الشأن والملف للعسكر الذين لا يريدون من وزرائه تصعيدا سياسيا يمكن ان يضيق هوامش المناورة أمام الاتصالات الحيوية التي تجري مع المؤسسة العسكرية السورية ولا الروسية. ويبدو ان وزيرين في الحكومة الحالية مطالبان بالعمل ضمن الإطار والخطة ومنهما وزير الخارجية أيمن الصفدي الذي يحتفظ بمساحات متباينة في مسألة النظام السوري حتى في تقديرات المؤسسة العسكرية لبلاده فيما دمشق تعتبره مسؤولا عن لهجة التصعيد.
ويريد الرزاز اقناع الصفدي أن بيئة التواصل العسكرية الحالية مع نظام دمشق تستوجب الدعم وعدم التأزيم. لكن الصفدي، في المحصلة يعبر عن الموقف السياسي كما هو وبدون رتوش. فعلى مستوى القرار المرجعي لم تتطور بعد أي أفكار لها علاقة بالإنفتاح على نظام دمشق ما دامت مصرة على بقاء عقدة العسكريين الإيرانيين في الطريق بين عمان ودمشق. دمشق وجهت رسالتين مؤخرا في غاية الأهمية لعمان مباشرة بعد رفع العلم السوري على معبر نصيب وهو ما رحبت به علنا القوات المسلحة الأردنية. الرسالة الأولى كانت عملية، حيث تم تأمين خط عمان – دمشق عسكريا وهو الخط النشط الذي تركه النظام السوري طوال سنوات قصدا بلا تأمين ضمن استراتيجية بإعتبار جنوب سوريا ودرعا ومحيطها «مشكلة أردنية».
تلك رسالة واضحة في تقدير المحلل الاستراتيجي الدكتور عامر سبايلة، فكرتها ان الحكومة الأردنية تستطيع التقاط ما هو جوهري في مصالحها وان دمشق التي حسمت للتو في الجنوب مستعدة لفتح صفحة جديدة وتبدو لا تعارض إعادة تشغيل الخط البري الحيوي بين عمان ودمشق. آخرون يقولون ان الرسالة أبعد من ذلك وقد سمعها وفد تجاري أردني زار دمشق مؤخرا وبعنوان الاستعداد للترحيب أيضا بالشركات الأردنية في إعادة الإعمار.
في المقابل تبرز الرسالة الثانية الأكثر عمقا، فالمقربون من النظام السوري في العاصمة الأردنية وهم كثر في الواقع ينقلون عن مسؤولين بارزين في نظام دمشق القول ان الحكومة السورية ترحب بـ«صفقة شاملة» لعودة العلاقات الأردنية السورية بمعنى التنسيق العسكري والأمني وتشغيل المعبر الأساسي دفعة واحدة.
ذلك استحقاق تعلم «القدس العربي» أن الوزير الصفدي وفي النقاشات الداخلية ومعه تقديرات في الغرفة الأمنية تحذر من ان عمان قد لا تكون جاهزة له في هذه المرحلة على الأقل مع إمكانية التعويض عبر التفاهم عسكريا وأمنيا مع موسكو بدلا من دمشق والعودة لتبادل العلاقات والمصالح بـ«القطعة».
عمليا ما يرد من دمشق لا يتحمس لأفكار استعادة الاتصالات والعلاقات مع عمان بالقطعة والتدريج وعلى أساس «تشغيل معبر نصيب» أولا لا بل يشترط ضمنيا التنسيق الأمني والعسكري قبل السياسي والاقتصادي والتجاري تحديدا.
هنا حصريا ينجلي الخلاف التجاذبي بين الطرفين ويمكن تبرير عدم الانتقال لـ«الخطوة التالية» بعد الترحيب عسكريا وسياسيا بسيطرة الجيش السوري النظامي على معبر نصيب دون ان يتبع ذلك على الإطلاق أي حركة للشاحنات أو العبور في الاتجاهين.
بمعنى آخر عمليا عادت سيطرة النظام على معبر نصيب وأعاد انتشار قواته لتأمين طريق عمان-دمشق لكن التشغيل لم يحصل.
عمان بالتوازي ترتاب في سيناريو «الصفقة الشاملة» التي تتحدث عنها دمشق ولعدة أسباب أهمها ان الموقف النهائي من كل التفاصيل السورية ينتظر الإتفاق النهائي بين الرئيسين دونالد ترامب وفلاديمير بوتين وبينها عدم قطعية الموقف الإسرائيلي.
الأهم ان عمان تتحفظ على الصفقة الشاملة مع دمشق خصوصا في الحلقة العسكرية والأمنية خوفا من ان يكون المتصل على الجانب الآخر من خط المعلومات في النهاية الحرس الثوري الإيراني.
ولا تريد حكومة الأردن التورط بالتنسيق الشامل قبل التوثق من أن النفوذ الإيراني تحديدا سيبقى ضمن ضمانات الرئيس السوري المرسلة سرا للأردن في «أبعد مسافة ممكنة» عن حدود شمال الأردن فتلك مسألة استراتيجية تماما تجمع بين عمان وتل أبيب.

11TAG

الأردن والنظام السوري: العسكري مع «التطبيع السريع» و«السياسي» متحفظ

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول حسام محمد:

    من الحماقة التسرع نحو صفقة شاملة مع النظام السوري دون، اولا تصفير التأثير الايراني على النظام ومؤسساته وثانيا من دون اعادة الثقة المتبادلة على خطوات ومن خلال تجزئة مفصلة تتراكم أركانها مع الوقت.

    اما بالنسبة لمعبر نصيب، فهناك سابقة معبر طريبيل؛ فلا زالت ايران مؤثرة على الجهتين المقابلتين من المعبرين.

    الكلام في اعادة الإعمار إبر مخدرة؛ من سيمول اعادة الإعمار في سوريا؟ أهي سوريا نفسها المفلسة المدمرة، ام ايران المحاصرة وفي طريقها الى انهيار اقتصادي سيؤجج شعبها؟ من الممكن ان تمول روسيا بعض الأجزاء المتعلقة ببقاءها وتوسع دورها الأمني والاقتصادي النفطي ضمن جغرافية قواعدها وتجمعاتها العسكرية من جهة ومناطق الغاز في البحر المتوسط من جهة اخرى.
    ليس ممكنا اعادة إعمار سوريا طالما الأسد في الحكم، فذهابه سيسهل على دول الخليج الغنية وأوروبا والولايات المتحدة والبنك الدولي تمويل اعادة الإعمار وبالتنسيق مع روسيا.

إشترك في قائمتنا البريدية