يصعبُ مرور يوم من دون إجراء مناقشة مصطلح ‘تطبيع’ في تقييم هذه الخطوة أو تلك. المقصود بالطبع هو التطبيع مع إسرائيل، البعض من الناس يذهب للسفارة الإسرائيلية في العاصمة الأردنية من أجل تحصيل سمة دخول إلى بلده فلسطين. يذهبون لأسباب شتى، الشوق لرؤية فلسطين، زيارة الأماكن المقدسة، زيارة الأهل في الضفة الغربية أو في منطقة 48. يستغرب هؤلاء من يصف حصولهم على الفيزا من السفارة الصهيونية بأنها ‘تطبيع’ فيبدأون في الدفاع عن خطوتهم ويثيرون التساؤل: هل الذهاب إلى الوطن وزيارة الأهل يُعتبر تطبيعاً؟ وهكذا دواليك.
بداية ما هو التطبيع وما المقصود به؟ من بين عشرات التعريفات لمؤسسات مختلفة ومنها، الحملة الفلسطينية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل التي تعرّف التطبيع بما يلي: المشاركة في أية مبادرة أو نشاط محلي أو دولي مصمم خصيصاً للجمع (سواء بشكل مباشر/أو غير مباشر) بين فلسطينيين و/أو عرب وإسرائيليين (أفراداً كانوا أم مؤسسات)، ولا يهدف صراحة إلى مقاومة أو فضح الاحتلال وكل أشكال التمييز والاضطهاد الممارس على الشعب الفلسطيني، وأهم أشكال التطبيع هي، تلك النشاطات التي تهدف إلى التعاون العلمي أو المهني أو النسوي أو الشبابي. أما عبد الوهاب المسيري فيعتبر ان التطبيع هو التغيير في ظاهرة ما، بحيث تتفق في بنيتها وشكلها واتجاهها مع ما يعده البعض طبيعياً.
مثلما قُلنا عشرات التعريفات، لكن في كل منها تجد نقصاً ما. أما التطبيع من وجهة نظر كاتب هذه السطور فيمكن اعتباره كالتالي، ممارسة أية خطوة أو حضور لقاء/لقاءات أو المشاركة في نشاط/نشاطات أو تعاون بين فلسطينيين وعرب مع صهيونيين أو إسرائيليين يُفهم منه/منها: اعتراف بشرعية المشروع الصهيوني في المنطقة، أو شرعية احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة، بما في ذلك كل ما يكرّس الاعتراف بهذا الوجود الاستعماري الغريب، أيّاً كانت المبررات والأسباب.
وقبل الخوض في الظواهر والأحداث التطبيعية، حرّي القول، ان للقضية الفلسطينية خصوصياتها فهي ليست معاناة من احتلال عادي، بل هو احتلال اقتلاعي للشعب الفلسطيني، والحلول اليهودي محله، ومصادرة الأرض الفلسطينية، والادعاء التضليلي الكاذب بوجود الارتباط التاريخي بين اليهود وفلسطين. كذلك فإن حالة الاشتباك اليومي العسكري معه غير قائمة، بمعنى أنه احتلال ينوي البقاء الدائم، وليس استعمار الوطن الفلسطيني لبضع سنوات، أي أنه احتلال مقيم، بالتالي فإن خصوصية هذا الوضع تُنشئ بالضرورة علاقات تعامل بين سلطات الاحتلال والفلسطينيين، مثل أنماط التعامل اليومي التي نشأت بين إسرائيل وأهلنا في منطقة 1948، ثم الأنماط التي نشأت مع أهلنا في مناطق 1967 بعد احتلال إسرائيل لباقي فلسطين وبعض مناطق من الدول العربية المجاورة. لو كانت الحرب دائرة على مدار الساعة، مثلاً عند اجتياح القوات النازية للعديد من الدول في الحرب العالمية الثانية، ومنها أراضي الاتحاد السوفييتي، فإن حالة الاشتباك اليومي مع المحتلين تكون قائمة ومستمرة، فلا يجوز والحالة هذه التعامل بكافة الأشكال والوسائل مع السلطات المحتلة الحاكمة، غير لغة المقاومة، وإلا سيعتبر أي تعامل هو تطبيع. نذكر في هذا الصدد حادثة امرأة في قرية روسية احتلها الألمان: أنها كانت تجمع البيض يومياً من سكان القرية وتدوسه بقدميها، الأمر الذي أدّى إلى افتقاد البيض في القرية. وصل الخبر إلى السلطة الألمانية الاستعمارية الحاكمة، فتم استدعاء المرأة وسؤالها عن سبب جمعها للبيض من الأهالي والدوس عليه؟ أجابت المرأة الضابط العسكري: أنا أضمن نفسي بألا أبيعك بيضاً، لكنني لا أضمن أن غيري لن يبيعكم بيضاً، لذلك أجمعه وأدوس عليه حتى تنتهي الحرب، كي لا تقولوا يوماً ـ إن بقيت حياً أنت وجنودك وأشك في هذا ـ وعندما تخرجون، بأنكم أكلتم من بيض قرية روسية! هكذا تكون اللغة مع الأعداء وليست هناك لغة غيرها.
ولكن عند احتلال الضفة الغربية وغزة في عام1967، وقد شاهدت ذلك بأم عيني، فإن الصناعات الفلسطينية الموجودة كانت بسيطة وقليلة، حينها انتبه الناس إلى ضرورة مقاطعة البضائع الإسرائيلية والاستعاضة عنها بالفلسطينية. انطبق ذلك على السلع الغذائية والحياتية الأخرى والأدوية وغيرها. فترة وجيزة وانتهت تلك السلع التي كانت موجودة في المخازن. بعدها اضطر الناس إلى شراء البضائع الإسرائيلية، التي لم يكن غيرها موجوداً في الأسواق، سوى بضائع قليلة فهل يمكن وصف آنذاك بأن من يشترون البضائع والأدوية الإسرائيلية، أو التي دخلت عن طريق إسرائيل واستوفت عليها الجمارك، بأنهم مطبّعون؟ لا نعتقد ذلك لأن الناس كانوا مكرهين على هذا الأمر. أيضاً فإن إسرائيل ضربت الصناعات الوطنية والزراعة الفلسطينية، و80′ من اقتصاد الضفة الغربية وغزة كان زراعياً، الأمر الذي جعل المزارعين يعانون الفاقة، ذلك أن الإنتاج من الخضار والفواكة لم يكن بيعه يغطي تكاليف فلاحة الأرض والاعتناء بها، وهو ما أدّى إلى فقد 90′ من العمال لمصادر دخلهم، في الوقت الذي فتحت فيه إسرائيل أسواق العمل لديها، فهل نسمي، والحالة هذه، العامل الذي ذهب للعمل في إسرائيل بأنه مُطبّع؟ لا نعتقد ذلك، خاصة أن التنظيمات المقاومة الفلسطينية كانت في بداية تشكليها، فكان من الصعوبة مطالبتها بتوفير البديل، حتى بعد ما ينوف عن الأربعين عاماً ومع تشكيل السلطة أيضاً، فلم يجر إيجاد البدائل حتى نطلب من العمال الفلسطينيين الامتناع عن الذهاب لسوق العمل الإسرائيلي.
بالطبع العمل في المستوطنات، هو أكثر حتى من التطبيع، كذلك شراء منتجاتها، فما بالك بموّرد الاسمنت القيادي في السلطة الفلسطينية، الذي كان يمدها به من أجل بناء الوحدات السكنية الاستيطانية؟ هذا إجرام وليس فقط تطبيعا.
ينطبق ذلك على العديد من الظواهر الأخرى، فهل تعامل السجين مع سجّانه وجلاده يعتبر تطبيعاً؟ بالطبع لا، لأن السجين مُجبر على ذلك. هناك فرق بين هذا والتعامل في المحاكم فـ 90′ من معتقلينا الأبطال، عندما يُنقلون إلى جلسات المحاكم الإسرائيلية يكونون (في بداية المحاكمات) حريصين على الإعلان أنهم لا يعترفون بشرعية المحاكم الإسرائيلية. هذا واحد من الأسباب التي تزيد من حقد القضاة عليهم، فيبدأون في الحكم بمئات السنين، من السجن عليهم.
المقصود القول، ضرورة عدم التسرّع في إطلاق أحكام التطبيع على الآخرين، فالظواهر تؤخذ في مواقعها وضمن الظروف التي تمر بها. بالنسبة للذهاب إلى السفارات الإسرائيلية من أجل تحصيل فيزا للدخول إلى فلسطين فهو تطبيع، تطبيع، تطبيع، للاعتبارات التالية: إنه اعتراف بسيادة إسرائيل على دولتها التي تُقام على أرض فلسطينية، هي الوطن الفلسطيني التاريخي من النهر إلى البحر، فحتى لو قامت هذه الدولة وما تزال فهي مشروع استعماري وجسم غريب طارئ على الوطن الفلسطيني، ومصيره إلى زوال شأن كل المشاريع الاستعمارية الأخرى، التي تعاقبت على فلسطين خلال مئات السنوات. نعم لا يُعتبر استخراج التصاريح وزيارة فلسطين عن طريق سلطة الاحتلال، لا يُعتبر تطبيعاً، لأن السلطة في أيدي المحتلين وهم المسؤولون عن المعابر، رغم أن مصدر هذه التصاريح هي الإدارة المدنية العسكرية الصهيونية. تنطبق هذه الحالة على كل الداخلين إلى غزة والضفة الغربية، بعد اتفاقيات أوسلو المشؤومة، التي جلبت الكوارث للشعب الفلسطيني، فهم أولاً واخيراً دخلوا إلى وطنهم، رغم أنهم كانوا بحاجة إلى تصاريح من الإدارة الإسرائيلية. لقد انتبهت إسرائيل منذ توقيعها على اتفاقيات كامب ديفيد وأوسلو ووادي عربة: قللت من التصاريح المعطاة للزيارة، بهدف حث الناس إلى أخذ سمات الدخول من سفارتيها في عمان والقاهرة. ويقدم خدمة كبيرة للإسرائيليين كل من يحمل جواز سفر عربياً، ويسلمه للإسرائيليين فهم حريصون والحالة هذه حتى على ختِمِه بخاتم ‘دولة إسرائيل’.
يخدم التطبيع مع إسرائيل، كل اللقاءات الفلسطينية والعربية معها، سواء بهدف التعاون الاقتصادي أو السياسي أو العمل من أجل حل ‘دولتين لشعبين’: الشعب الفلسطيني و(الشعب) الإسرائيلي، فاليهودية ديانة وليست (قومية) أو (أمة).
للأسف فإن السلطة الفلسطينية وفي مواقع كثيرة تكون ضد الخطوات التطبيعية التي تتخذها مؤسسات أكاديمية أجنبية ضد بنىً أكاديمية إسرائيلية، كما حدث منذ بضع سنوات عندما وقفت السفارة الفلسطينية في جنوب أفريقيا، ضد اتخاذ جهات أكاديمية جنوب افريقية مقاطعة لمؤسسات أكاديمية إسرائيلية، وبدلاً من تأييد ذلك قامت السفارة بعقد اجتماع مع وفود أكاديمية إسرائيلية كانت في زيارة لجنوب أفريقيا، كذلك منذ شهرين والاجتماعات تعقد بين قياديين في السلطة الفلسطينية وأعضاء كنيست إسرائيليين في كلٍ من رام الله وتل أبيب، هذا في الوقت الذي تدعو فيه السلطة إلى مقاطعة إنتاج المستوطنات؟ لقد قدمت وما تزال بعض الفضائيات العربية خدمة للتطبيع مع إسرائيل، عندما استضافت وما تزال تستضيف إسرائيليين على شاشاتها، فعملياً أدخلت هذه، الإسرائيليين إلى بيوتنا، حيث بتنا نراهم وكأنهم ضيوف طبيعيون! المطلوب من هذه الفضائيات، الفلسطينية منها والعربية، عدم استضافة الإسرائيليين، فهم يسعون إلى تعميم هذه القضية، كذلك هو السهر مع إسرائيليين على شواطئ تل أبيب.
يبقى القول بأنه لا يجوز القول على كل حدث بأنه تطبيع قبل معرفة كنهه وجوهره، تماماً مثلما هو خارج العلمية القول، بأن كل يهودي صهيوني، فكثيرون من اليهود ضد الصهيونية وإسرائيل، منهم جماعة (ناتوري كارتا) ومنهم الكتّاب، إسرائيل شاحاك، نورمان فلنكشتاين، إيلان بابيه وغيرهم، والموضوع برمته مطروح للنقاش وإبداء وجهات النظر حوله.
‘ كاتب فلسطيني
, THANK YOU SO MUCH FOR THIS REMARKABLE ARTICLE , , WE SHUKRN LAK, ANTA FILASTEENI EBNI FELASTEEN, FREEDOM AT LAST AHSANT YA AKHE, MUSA MASHAL, UIVERSITY OF ILLINOIS AT CHICAGO
الد کتور فایز رشید فی وسط المقال روی قصه حقیقیه لعجوز روسیه ایام الحرب مع النازین.. نتکلم معآ علی شخصیت ها کذا انسان وتعا ملهه مع الوطن و لوطنیه و ترجمته عندها . حب الوطن الی درجة الفدا لیس کلامآ و حرفیآ بل عملیآ. الشجاعه الی تنبع من العقیده و تربیه و خصوصیا تها الذاتیه ثم کلامها مع النازین که تقول لهم : بکرا لاتقولون اکلنا من بیض قریه روسیه!!! رقم الخطر الی مواجهاءالان حالتنا نحن ( کبیر المفاوضین استعفاء ! هذا الخبر عندنا اهم من حصار و جوع اها لی غزه ) ما احد یتکلم عن الخبز او الکهربا او الجوع فی غزه نلعب و نجا هد العدو الصهیونی بلکلمات ( التطبیع منشآ الغوی منین هل ینکتب به (ت) او به (ط) اختلفنا وام کل مفسده هذ ه) القومیه العربیه بقت حرف علی ورق ! الثوار بقو فقط ثوار الکلام بقول الشا عر احمد مطرفی شعر حکایة عباس : لمن تسن سیفک !!