الحديقةُ مرسومةٌ بالطباشيرِ
والبنتُ حلمتها حلمة التينِ
قبّعة الخوص سوداءُ
مختلسا نصف قبلته.. وهي عينان مسبلتانِ،
ولكنّ بابَ الحديقةِ غُلّق.. والسلّم الحلزونيُّ ما زال بي !
٭ ٭ ٭
أينهنّ الجميلات في النهر يغسلن ثوب الأمير الصغير
أينهنّ؟ يبيّضنه بدماء الخروف؟
أصل العالم
إلى غوستاف كوربيه
أصلُ الخليقة عوْدُنا الأبديُّ..
أملسُ عاتمٌ.. من عنبرٍ..
في فتحةٍ هي فسحةٌ منهُ..
تضيءُ.. الكونُ يبدأُ
إذ يضيعُ.. كأنْ يسيرَ بنا،
ونحنُ به نسيرُ..
كأنّنا ما يستفيضُ به الزمانُ..
كأنْ نسيرَ أمامنا.. فينا
ولكن لا نعودُ إلى الأمام.. ولا نرانا..
أو نراهُ..
حين يسخنُ في الرخامِ.. ونحن نزلق في وعاءِ الطينِ..
عبرَ ولادةٍ معكوسةٍ..
هو عيننا الأخرى إذن
لكنّ خيطًا سَمِّهِ «اللاشيءَ»..
يقطع ضوءه فينا..
ويقطعنا.. معا..
أو سمّهِ ـ إن شئتَ ـ خلخلةَ الكلامِ..
لم أعدْ أتذكّرُ
كرةٌ من قماشٍ.. أنا لم أزل راكضا خلفها.. ركلتي طوّحتها بعيدا
وراءَ السياج
كنتُ أدرجُ في عينِ مجّونةٍ.. أوّل الخطوات كآخرها..
كرةٌ تتدحرجُ ناحيةَ البحرِ..
قل أيّنا كان يركلها؟ لم أعدْ أتذكّرُ.. كنّا نجمّعُ خيباتِنا..
لم أعدْ أتذكّرُ غير سباق الخيول.. بأرض جلاصٍ.. وسرّ السنونو..
وجلجلة العرباتِ على الطرقاتِ.. وراءَ السياج
حانوت البرتغالي فاسكو برانكو في أفيرو
ـ البيانو له شكل تابوتهِ
ـ قل ألا تحسنُ العزفَ؟
ـ أين المفاتيحُ؟
ـ كيف؟ ألستَ تراها؟
ـ الأصابعُ مبتورةٌ..
والحروفُ مساقطُ مائيّةٌ.. ورنينُ ترانيمَ
في ليلِ حانوتهِ.
هل كان بابًا؟
هل كان بابًا من زجاجٍ، مغلقًا بيني وبينكِ؟ ربّما
وأنا أحاولُ أنْ أشقّ سدًى طريقي..
غير أنّي كلّما حاولتُ..
لاحَ هناكَ ظلٌّ.. حارسٌ.. شبَحٌ..
تُرى لبَسَ الطريق عليَّ أمْ
لبسَ الزجاجَ عليكِ أنتِ؟
أكنتُ أحلمُ؟ ربّما..
في دالية ابن العبد
هل تسمحُ لي أن أتحدّثَ هذي الليلة كالطفلِ إليَّ؟ وأنْ أسألني عن أحوالي وأخطـِّئني حينًا وأواسيني حيناً؟ وأقول لعلّي ولعلّي؟ هل تقـلقُ إنْ قلتُ لهُ إنَّ الخَابورَ حزين هذي الليلةَ؟ إنْ قلتُ لهُ هل ليلتيَ الأولى في دالية ابن العبدِ سوى رسْمٍ، فوقَ زجاجِ الليلِ، رماديٍّ، وشميمٍ من ضوءٍ سنجابيٍّ؟ إنْ قلتُ لهُ كلماتي تـنقـُفُ في بيتٍ خربٍ؟ إن قلتُ لهُ إنّي في طوْقِ المنجلِ أعني بين هلاليْهِ، أجتسُّ كما الأعمى أشباهَ ظلالٍ؟ إن قلتُ لهُ إنّي ألمحُ من ثـَـقـْـبٍ كالسرّةِ في هذا البيتِ نهاية عاصفةِ الرملِ.. كلابَ الصحراءِ تعيشُ حياة كلابِ الصّحراءِ
أنا أعرفُ ما قالتْ حوّاءُ لقابيلَ وقد
عادَ إلى الحفـْشِ يُسـَلـْسِلُ ألحاناً
ـ اليومَ قتلتُ أخي
ـ حسنا.. ألقِ رُذالَ متاعِ أخيكَ.. فلا حاجة بعد اليومِ إليه..
كتاب الجغرافيا (يصدر قريبا عن دار آفاق/ برسبكتيف تونس)
٭ شاعر من تونس
6shr
منصف الوهايبي
مذهل انت شاعرنا الدكتور المنصف الوهيابي حرفك بلسم يضمد نزيف الروح