باريس- “القدس العربي’’- آدم جابر: “في سوريا… تفريغ الجثث كل ليلة”. عنوانٌ تصدر غلاف صحيفة “ليبراسيون” في عددها الصادر، الاثنين، موضحة أنّ النظام السوري وضع، في الآونة الأخيرة، قوائم علنية للسوريين “المفقودين”، تعكس ما وصفته بـ”بيروقراطية حقيقية للموت”.
الصحيفة الفرنسية نشرت شهادة نجاح البقاعي، أستاذ الفنون الجميلة سابقاً في سوريا، ولاجئ اليوم في فرنسا، عن معاناته في سجون بشار الأسد، التي تحولت إلى قبورٍ لآلاف الأبرياء. هذا الأخير يروي من خلال بعض رسوماته التي نشرتها الصحيفة بربرية النظام السوري التي لا حدود لها.
التعذيب في سوريا: الموت من أجل الرسم
و أوضحت “ليبراسيون” أن نجاح البقاعي ليس “جهادياً” ولم يكن من الثوار المسلحين أيضاً، بل كان أستاذاً للفن التشكيلي في جامعة دمشقيّة ويقطن في ضاحية جديدة عند اندلاع الانتفاضة في ربيع عام 2011.
يقول نجاح (49 عاماً): “شاركت في العديد من الاحتجاجات في الغوطة الغربية وداريا، لكن تمّ التّبليغ عنّي. ممّا دفعني إلى ترك بيتي و الاختباء في دمشق. وفي يوليو/تموز عام 2012، تم توقيفي للمرة الأولى ووجهت إليّ تهمة إضعاف الشعور القومي”.
نُقل نجاح إلى “المركز227” في دمشق الذي تديره أجهزة الاستخبارات العسكرية، حيث وُضع في زنزانة صغيرة إلى جانب 70 سجيناً آخر. ويصف الوضع داخل السجن قائلاً: “يقومون بتعذيبنا بطريقة الكرسي ما أدى إلى كسر العمود الفقري لعدة سجناء. وكنت أرى معتقلين آخرين يحتضرون قبل مفارقتهم الحياة”.
وبعد شهر من السجن وخسارته لثلاثة عشر كيلوغراماً من وزنه، تم الإفراج عن نجاح، مقابل دفع زوجته، وهي مدرسة اللغة الفرنسية، لـمبلغ 1200 يورو (راتبها لأربعة أشهر) لإخراجه. في سبتمبر/أيلول عام 2014، حاول الفنان التشكيلي العبور إلى لبنان ودفع مبلغ مئة ألف ليرة سورية (حوالي 200 يورو) من أجل حذف اسمه من قوائم الأشخاص المطلوبين. غير أنه تم القبض عليه من جديد عند مركز الحدود. ليتم إرسالة مرة ثانية إلى “المركز227” في دمشق، حيث التعذيب اليومي، واستجوابه حول أقارب له قًتلوا أو يقبعون خلف القضبان.
مسح الإسم..
وأثناء فترة احتجازه للمرة الثانية يقول نجاح: “رأيت 12 سجيناً، بمن فيهم محامٍ يموتون أمامي بسبب الإسهال. كما كنا نقوم كل ليلة بتفريغ شاحنات، تأتي من مراكز احتجاز أخرى في دمشق، محملة بجثث مرقمة عليها آثار التعذيب أو جروح ناجمة عن طلقات نارية، بعضها لجنود لا يزالون يرتدون الزي العسكري، من المؤكد أنهم حاولوا الفرار أو عصوا الأوامر”.
وبعد سبعين يوماً من اعتقاله للمرة الثانية بتهمة “الإرهاب’’، إلا أنّه تم نقل نجاح البقاعي إلى سجن عدرا مع معتقلي القضايا العامة العاديين حيث لم يعد يتعرض للتعذيب، وذلك بفضل معرفة زوجته لتاجر يُعدُ صديقاً لزوجات بعض ضباط الجيش النظامي. بعد ذلك باعت زوجته سيارتهما واتصلت بأخوته الذين يعيشون في فرنسا وقطر، لتتمكن من جمع مبلغ 18 ألف يورو، بما في ذلك 6 آلاف يورو التي دفعتها إلى أحد القضاة لمحو اسم زوجها من الملفات الجنائية. وفي 16 يوليو/تموز 2015، أطلق سراح نجاح، حيث توجه إلى لبنان، وبعد ذلك بشهر تم قبول طلبه للحصول على اللجوء السياسي في فرنسا.
بيروقراطية الموت”
من جهة أخرى، أوضحت “ليبراسيون” أنّ نظام بشار الأسد يقوم منذ أسابيع بتحديث سجلاته الخاصة بالوضع المدني، مستخدماً “بيروقراطية الموت التي تخفي التعذيب المنهجي لآلاف الأشخاص المفقودين”، على غرار مازن دباغ، المستشار السابق للتعليم في المدرسة الثانوية الفرنسية في دمشق، وابنه باتريك، اللذين شوهدا آخر مرة في يوم 5 نوفمبر/تشرين الثاني 2013. وتم نقلهما إلى مقر المخابرات الجوية في منطقة المزة.
وأشارت “ليبراسيون” إلى أنّ الأسر لا يتم الاتصال بهم ويضطرون للذّهاب بمفردهم إلى مقر البلدية وطلب اطلاعهم على السجلات الخاصة بأقاربهم وأحبائهم الذين اختفوا بعد اعتقالهم. وفي بعض الأحيان يعطيهم وكيل البلدية شهادة الوفاة. وغالباً ما يكون سبب الوفاة – حسب رواية السلطات- “سكتة قلبية”، وفي بعض الأحيان تتم الإشارة إلى أن السجين أُعدم بعد أن حكمت عليه محكمة عسكرية، ولا يتم إرجاع أي جثة ولا تحديد مكان الدفن. وتصدر هذه الشهادات من قبل مكتب الأمن الوطني برئاسة علي مملوك، الذي يقدم تقاريره مباشرة إلى الرئاسة السورية. وهو ما وصفته منظمة هيومن رايتس ووتش قائلة: “إننا نواجه في سوريا بيروقراطية الموت”. لقد قُتل هؤلاء الأشخاص بعد تعرضهم للتعذيب تحت ظروف الاحتجاز، وهناك رموز مشفرة على سجلات الوفيات”.
شلل دولي..
وتابعت الصحيفة الفرنسية القول إن جمعيات حقوق الإنسان، لم تقم بعد بتجميع قوائم الموتى التي نشرتها سلطات النظام السوري. ولكن الأمر يتعلق بالفعل بعدة مئات من السجناء، بمن فيهم يحيى شربجي، الناشط السلمي الملقب بـ”غاندي” داريا، بالإضافة إلى العديد من النساء والأطفال وكبار السن. فوفقاً للشبكة السورية للمنظمات غير الحكومية لحقوق الإنسان، فإن أكثر من 118 ألف سوري، تم القبض عليهم أو اختطافهم في الفترة ما بين مارس/آذار 2011، ومارس/آذار 2018، نحو 105 ألفاً منهم، أي 87 في المئة، قتلوا على يد قوات النظام. وقد توفي أكثر من 13 ألف شخص تحت التعذيب أو نتيجة لسوء المعاملة في السجون السورية، حيث الرعب وانعدام الرعاية واستخدام التعذيب الممنهج.
وقد أدان مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، في تقرير له صدر في شهر فبراير/شباط عام 2016 ، “الجرائم ضد الإنسانية’’، بما في ذلك إبادة السجناء التي ارتكبتها الحكومة السورية في سجونها، في مقدمتها سجن صيدنايا قرب دمشق، الذي وصفته منظمة العفو الدولية بأنه “مجزرة بشرية”، موضحة أن ما لايقل عن 5 آلاف معتقل شنقوا بين عامي 2011 و 2015، في هذا السجن السري الذي تديره أجهزة مخابرات.
واعتبرت «ليبراسيون» أنه للإفلات من العقاب، فإنه باستطاعة النظام السوري الاعتماد على عيوب العدالة الدولية، حيث إن سوريا لم توقع على معاهدة روما، التي أسست المحكمة الجنائية الدولية (ICC)، ولا تعترف باختصاصها. فمن الناحية النظرية، لا يزال من الممكن اللجوء إلى المحكمة الجنائية الدولية عبر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. لكن هذا الأخير (مجلس الأمن) بات مشلولاً بسبب الفيتو الروسي-الصيني.
مافالته صحيفة ليبراسيون يمثل الجزء الظاهر من جبل الجليد، إن جرائم هذا النظام لا يمكن ان يتخيلها شخص عاقل لقد تجاوز كل حدود الوحشية وهو لا يمت للإنسانية بصلة وبما ان المجتمع الدولي اليوم يغض الطرف عن المجرم ابن المجرم بشار الكيماوي بائع سورية ونظامه كرمى لعين اسرائيل لانها لاتطمئن الى أمنها إلى مع وريث بائع الجولان المقبور حافظ الاسد
لقد كشف الغرب صاحب مقولات “حقوق الانسان” عن خيانته لمقولاته ومبادئه وبات مشاركا في جريمة قتل الشعب السوري لمجرد صمته والتأمر عليه