عواصم- وكالات: قررت باكستان أمس مراجعة علاقاتها مع الولايات المتحدة الأمريكية بعد مقتل زعيم حركة طالبان باكستان، فيما عينت الحركة الإسلامية المسلحة زعيماً بالوكالة لحين اختيار خليفة لزعيمها القتيل.
وقال مكتب رئيس الوزراء الباكستاني أمس ان اسلام اباد ستراجع علاقاتها مع الولايات المتحدة في اعقاب مقتل زعيم حركة طالبان الباكستانية في ضربة امريكية بطائرة بدون طيار.
إلا أن اجتماعا رفيع المستوى لمراجعة العلاقات كان مقررا أمس تأجل في اللحظة الأخيرة دون توضيح أسباب.
وطالب بعض السياسيين بقطع خطوط الامداد للقوات الامريكية في افغانستان ردا على الهجوم الامريكي. وباكستان هي الطريق الرئيسي للامدادات المتجهة للقوات الامريكية في افغانستان التي لا تقع على بحار حيث يمر منها كل شيء بدءا من الطعام الى مياه الشرب والوقود. ومن شأن اغلاق هذه الطرق ان يحدث اضطرابا خطيرا بينما تستعد القوات الامريكية والغربية للانسحاب من افغانستان بحلول نهاية العام المقبل. ويعتبر التعاون الباكستاني حيويا في محاولة احلال السلام في افغانستان خاصة في حث طالبان الافغانية المتحالفة مع طالبان الباكستانية لكنها منفصلة عنها على الدخول في محادثات مع حكومة كابول. واصيبت العلاقات بين الولايات المتحدة وباكستان بالتوتر الشديد عدة مرات في السنوات الاخيرة منها في 2011 عندما قتلت القوات الامريكية اسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة في غارة قالت باكستان انها انتهكت سيادتها.
وفي السياق ذاته استدعت باكستان السبت السفير الأمريكي في اسلام اباد للاحتجاج على هجومين بطائرات بدون طيار في الايام الماضية ادى احدهما الى مقتل زعيم حركة طالبان الباكستانية حكيم الله محسود، كما اعلنت وزارة الخارجية الباكستانية في بيان.
وقالت الوزارة انها استدعت السفير الأمريكي ريتشارد اولسن للاحتجاج على الضربة الصاروخية التي اسفرت عن مقتل محسود.
فيما اعلن وزير الداخلية الباكستاني شودري نثار مخاطبا الولايات المتحدة مساء السبت انه ‘خلال الاسابيع السبعة الاخيرة حاولنا خطوة بخطوة تطوير عملية من شانها ان تؤدي الى السلام في باكستان وماذا فعلتم؟’. واضاف ‘لقد احبطتموها أمس، قبل 18 ساعة من ان يتوجه وفد رسمي من العلماء جوا الى ميرانشاه لتسليم دعوة رسمية’
إلى ذلك عينت حركة طالبان الباكستانية أمس قائدا بالوكالة قبل انتخاب خليفة حكيم الله محسود، زعيم الحركة الاسلامية المسلحة الذي قتل في غارة طائرة اميركية بدون طيار، في عملية اثارت توترا بين باكستان والولايات المتحدة.
وقتل حكيم الله محسود الثلاثيني الذي اصبح قائد حركة طالبان الباكستانية في 2009 بعد مقتل زعيمها بيعة الله محسود مع اربعة من المقربين منه الجمعة في غارة شنتها طائرة بدون طيار قرب ميرانشاه كبرى مدن وزيرستان الشمالية، المنطقة القبلية شمال غرب باكستان التي تعتبر معقل الحركات الاسلامية المسلحة في المنطقة.
وبعد تشييع جنازته بتكتم اجتمع قادة طالبان لاختيار خليفة محسود ما اثار الكثير من التكهنات في الصحافة الباكستانية حول هوية القائد الجديد لحركة التمرد التي تدعوها حكومة اسلام اباد الى مفاوضات سلام، وفق مصادر طالبانية عدة.
وصرح شهيد الله شهيد الناطق باسم الحركة التي تأسست بعدة فصائل اسلامية مسلحة في 2007 من اجل ‘الجهاد’ ضد حكومة اسلام اباد المتهمة بالتعاون في الحرب الأمريكية على الارهاب، لفرانس برس امس ‘اننا لم نختر بعد قادة جددا لحركة طالبان الباكستانية… وعين قائد مجلسنا المركزي عصمت الله شاهين بهيتاني قائدا بالوكالة’.
وكانت السلطات في حالة أهبة أمس في مختلف انحاء البلاد تحسبا لموجة جديدة من الاعتداءات ردا على مقتل زعيم حركة التمرد. واضاف الناطق باسم الحركة ‘سنقرر في المستقبل ما إذا كنا سننتقم ام لا’ موضحا ان المقاتلين في حداد ‘ثلاثة ايام’ على مقتل حكيم الله محسود.
ويعتبر مقتل قائد حركة طالبان المسؤولة على العديد من الاعتداءات التي اسفرت عن سقوط الالاف في باكستان منذ ست سنوات، نكسة بالنسمة للمقاتلين الاسلاميين وكذلك، على المدى القصير على الاقل، بالنسبة للحكومة التي كانت تراهن على مباحثات مع طالبان لاحلال السلام في البلاد.
من جانبها نفت الولايات المتحدة السبت اتهامها باحباط عملية السلام وقال مسؤول في وزارة الخارجية ان للولايات المتحدة وباكستان ‘مصلحة استراتيجية مشتركة في وضع حد لعنف التطرف’. واضاف ‘أما مسألة ما اذا كان يجب التفاوض مع حركة طالبان فهذا شأن باكستاني داخلي’. ورغم ان باكستان نددت بهذه الغارة الجديدة لطائرة اميركية بدون طيار، يبدو انها وافقت سابقا على تلك الغارات على اراضيها وفق مسؤولين ووثائق كشفت خلال السنوات الاخيرة.
واعرب قسم من الصحافة الباكستانية أمس عن استغرابه من تصريحات وزير الداخلية ودعا السلطات الى اغتنام الفرصة لاستئصال حركة طالبان الباكستانية. وتساءلت صحيفة ‘دون’ الباكستانية ‘اذا كانت مباحثات السلام لم تتأثر بهجمات المقاتلين المتكررة منذ اشهر فلماذا قد تنتهي حتما بهجوم على قيادة الحركة؟’.